علم الحروف والجفر والزايرجة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

علم الحروف والجفر والزايرجة

علوم ؛رياضيات ؛قضاء حوائج ؛ادعية ؛تنبؤات مستقبلية ؛تفسير احلام:-تاويل :احداث العالم ؛اخبار مايدور حولك:الحرب العالميةالثالثة وقتها ومن يبدأ بها؛حكم واحاديث وروايات وقصص
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الدرس الثاني في التاويل

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
منتظرالفرج
مديرالمنتدى والمشرف العام
مديرالمنتدى والمشرف العام
منتظرالفرج


عدد المساهمات : 993
تاريخ التسجيل : 14/08/2010

الدرس الثاني في التاويل Empty
مُساهمةموضوع: الدرس الثاني في التاويل   الدرس الثاني في التاويل Icon_minitime1السبت 16 أكتوبر 2010, 7:38 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
ولكن بصرف النظر، عن الرؤية الإطارية الممهدة، الواردة في العناوين الانفة، وما اتصفت به من تعميم، ومن أجل البحث عن كثب في النصوص المتعلقة بالمنهج، بهدف تقديم رؤية مجهرية تتصف بالدقة العالية، نعقد هذا البحث الذي ينطلق من الاستفهام:
هل وجد في صدر الإسلام منهج للاستنباط من الكتاب والسنة، يتصف بالعلمية والانضباط، أسس مجالا فقهيا خرَّج الفقهاء الراسخين، وأنتج تراثا للفقه، أم لم يكن ثمة منهج استنباط من الكتاب والسنة(*)، مما يجعل كل ما يترتب على ذلك منتفيا لا موضوع له ؟!

سوف نقوم بتحري التراث المروي عن تلك الحقبة لنلاحظ آثار الحقل الفقهي الأول، التي تجلى في مرتكزات عملية استنباط الفتوى، والتي ألقاها الرسول على جموع المسلمين المتجمهرين حلقا حوله، وروتها الرواة من بعده، واعتمدها فقهاء أهل البيت بصورة تكررت على امتداد الزمن. وقد وجدنا ان تلك المرتكزات تتلخص في اربع: المحكم، المتشابه، الناسخ، المنسوخ، وهي الركائز التي تتمخض عنها آلية نسخية، تؤسس ما نصطلح عليه بالدائرة التأويلية. وقد شرطت تلك المدرسة للتعاطي مع الخطاب المعرفة بهذه الركائز، وما ينشأ عنها من آلية باعتبارها منهجا. فأوضحت كل محاولة استنباط تتجرد من التعاطي المنهجي المشار إليه، عارية عن الصحة وغير جديرة بالاعتبار، وعليه قام البرهان. وهذا استعراض لبعض الأحاديث الدالة على ذلك:

عن رسول الله (ص): ((من أفتى الناس بالمقاييس فقد هلك وأهلك، ومن أفتى الناس وهو لا يعرف الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك وأهلك)). يعلق الرسول في هذا الحديث الفتيا التي يشتغل بها الفقيه بالمعرفة بالركائز الأربعة.

ثم في حقبة ما بعد رحيل الرسول نجد الإمام علي يمر بقاض من قضاة الرأي، الذين تفشوا في تلك المرحلة، فيسأله عن معرفته بعلم الفتيا المتمثل في الأركان الأربعة، فيعرب القاض عن عدم إلمامه بها. مما دعا الإمام لأن ينذره بالهلاك، الذي أشار إليه الرسول(ص) في حديثه. حيث لا يمكن استنباط الفتيا ومعرفة وجوه الحكم في القضاء إلا استنادا إلى تلك الأركان، التي تمثل علم الفتيا والاستنباط. فعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ: ((أَنَّ عَلِيّاً (ع) مَرَّ عَلَى قَاضٍ فَقَالَ: أَ تَعْرِفُ النَّاسِخَ مِنَ الْمَنْسُوخِ؟ قَالَ: لَا. فَقَالَ: هَلَكْتَ وأهلكْتَ)) . فعلق علم التأويل على المعرفة بالناسخ والمنسوخ. كما أوضح بسؤاله القاضي عن معرفته بالناسخ والمنسوخ عن وجود هذا العلم متاحا لمن يريد التعرف عليه، والتعلم لقواعده وأدواته، فهو ليس بحكر على أحد.

ولما انشق قسم من جبهة العراق، عُرِف بالخوارج، الذين طالما قاتلوا تحت قيادة الإمام علي(ع)، فخاض بهم لجج الحروب التي اشتهرت بحروب التأويل. حكم أولئك المنشقون على قبول الإمام علي بالتحكيم مكرها بالكفر، وطالبوه بالتوبة. فجادلهم وابتدأ جداله معهم حول المعرفة بمنهج استنباط الحكم من الكتاب قائلا ما فحواه: ألكم علم بالمنهج الذي يخولكم الحكم في القضايا بحيث حكمتم بما حكمتم؟ فأوضح تمكنه من علم التأويل، بتمكنه من العناوين الرئيسة لهذا العلم: المحكم المتشابه الناسخ والمنسوخ، وقد شهد الخوارج له بذلك. ودانوا أنفسهم لما اقروا بالجهل بعلم التأويل، لجهلهم بالعناوين الرئيسة. لذلك استخلص الإمام علي حجته المفحمة؛ عندما أوضح انه حكم بالكتاب، بينما هم لفقدهم أهلية الحكم، صار إفتاؤهم بكفره ضربا من الحكم الجائر الصادر عن فاقد الأهلية. وهذا نص الحوار الدائر بين الطرفين، كما يرويه الإمام نفسه: ((قال: لما أردت قتال الخوارج بعد أن أرسلت إليهم ابن عباس لإقامة الحجة عليهم: قلت: يا معشر الخوارج أنشدكم الله، ألستم تعلمون أن في القرآن ناسخا ومنسوخا، ومحكما ومتشابها، وخاصا وعاما؟! قالوا: اللهم نعم!. فقلت: اللهم اشهد عليهم! ثم قلت: أنشدكم بالله هل تعلمون ناسخ القرآن من منسوخة، ومحكمه ومتشابهة، وخاصة وعامه؟! قالوا: اللهم لا! قلت: أنشدكم بالله! هل تعلمون أني أعلم ناسخه ومنسوخة ومحكمه ومتشابهة وخاصة وعامه؟! قالوا اللهم: نعم!. فقلت: من أضل منكم! وقد أقررتم بذلك!! ثم قلت: اللهم إنك تعلم أني حكمت فيه بما أعلـمه)).

وتستمر مدرسة أهل البيت تُركّز على شرط المعرفة بأركان الفتوى، فالإمام الصادق(ع) في حواره مع أبي حنيفة، مفتي أهل العراق، يسأل هذا الأخير عن امتلاكه المؤهلات التي تخوله الاشتغال في الفتيا، حتى يشغل مقام مفتي العراق، فيسأله عن العناوين الرئيسة لعلم التأويل: المحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ، ولما يعرب أبو حنيفة عن العلم بها، يختبره الإمام الصادق ويكشف عن جهله. وهذا نص الخبر:

قال أبو عبدالله الصادق لأبي حنيفة لما دخل عليه: ((من أنت؟

قال: أبو حنيفة!

قال (ع): مفتي أهل العراق؟ قال: نعم.

قال (ع): بما تفتيهم؟ قال: بكتاب الله.

قال (ع): وانك لعالم بكتاب الله، ناسخه ومنسوخة، ومحكمه ومتشابهة؟)).

وفي السياق ذاته، يدخل بعض المتنسكين على الإمام الصادق، يطرحون عليه دعوتهم للزهد بصورة متعسفة، فيسألهم قبل مناقشتهم في دعوتهم، عن أهليتهم لاستنباط الفتوى: ((ألكم علم بناسخ القرآن من منسوخة، ومحكمه من متشابهه، الذي في مثله ضل من ضل، وهلك من هلك من هذه الأمة؟!)). انطلاقا من قناعة الإمام الصادق بعدم إمكانية الحديث عن أي فتوى تنسب إلى القرآن، في الوقت الذي يفتقد المستنبط العلم بالمنهج الذي يخوله الاستنباط. ولما يعربون عن معرفة جزئية بالعناوين الرئيسة لعلم التأويل، يكشف الصادق أن ذلك هو الذي أوقع استنباطهم في الخطأ. ثم أوضح جور التصور الذي يدعون إليه، ثم طالبهم بالاهتمام بعلم التأويل الذي يمكن من ممارسة استنباط الفتوى بحق، بدل التورط في الجهالة: ((كونوا في طلب علم الناسخ من القرآن من منسوخة ومحكمه من متشابهه، وما أحل الله فيه مما حرّم ...)). وهذا هو نص الخبر: ((... فقال أبو عبدالله [لعدة أنفار جاءوا يعرضون عليه مذهبهم في التقشف]: أخبروني أيها النفر ألكم علم بناسخ القرآن من منسوخة، ومحكمه من متشابهه، الذي في مثله ضل من ضل، وهلك من هلك من هذه الأمة؟ فقالوا: بعضه فأما كله فلا. فقال لهم: من هاهنا أوتيتم، وكذلك أحاديث رسول الله (ص) [وبدأ في حديث طويل يشرح لهم ما غاب عنهم في رؤيتهم فتشابه الأمر عليهم حتى انتهى إلى القول:] فتأدبوا أيها النفر بآداب الله وكونوا في طلب علم الناسخ من القرآن من منسوخة ومحكمه من متشابهه وما أحل الله فيه مما حرّم، فانه أقرب لكم من الله وأبعد لكم من الجهل ودعوا الجهل ودعوا الجهالة لأهلها، فان أهل الجهل كثير، وأهل العلم قليل، وقد قال الله عز وجل: (وفوق كل ذي علم عليم)76/12)).

وفي الإطار ذاته، يصب الحوار الذي دار بين الحاكم العباسي هارون والإمام الكاظم، يعشواربموقف (قريش -أهل البيت) المتبني للتأويل في مقابل موقف (قريش -البيت العباسي) المتبني للرأي، ففي الخبر: «ولست أعفيك من كل ما أسألك عنه حتى تأتيني فيه بحجة من كتاب الله، وانتم، معشر ولد علي، تدعون انه لا يسقط عنكم منه شيء ألف ولا واو إلا وتأويله عندكم، واحتججتم بقوله عز وجل: (ما فرطنا في الكتاب من شيء)38/6، واستغنيتم عن رأي العلماء وقياسهم»، فيتضح من هذا المقطع من الحوار تمايز فكر مدرسة البيت النبوي عن التيارات الأخرى بعلم التأويل، الذي يمنح الكتاب اللاتناهي في عطائه الفكري، وهو ما من شأنه أن يجعل فكرهم المؤول يستغني عن تكلف قياسات الرأي بالقرآن المؤول. ثم نلتقي بهذاالمعنى في حديث الإمام الحسن العسكري، الوصي الحادي عشر، عندما يقول: ((يرفع الله بهذا القرآن والعلم بتأويله، وبموالتنا اهل البيت والتبري من اعدائنا، أقواما يجعلهم في الخير قادة، أئمة، تقتص آثارهم، وترمق أعمالهم، وتقتدي بفعالهم)).

وهكذا، يتضح من العبارات المتقدمة، التي اعتمدت كلمات مثل ((أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ / ... وانك لعالم بكتاب الله ناسخه ومنسوخه؟/ ... الكم علم بناسخ القرآن من منسوخه؟/ ... كونوا في طلب علم الناس من المنسوخ!))، أن هذه المعرفة وهذا العلم متاح للأمة، وفي متناول أفرادها أن يحيطوا به علما وليس هو بالسر، ولا بالعلم المستحيل، كما ليس ذاك العلم حكرا على فئة أو طائفة أو جماعة أو أفراد بعينهم. بل كان خطاب التعليم يطالب الأمة بأن ينبعث من كل طائفة منها من يتفقه في استنباط علم القرآن استنادا إلى المعرفة بعلم الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه، العناوين الرئيسة المفصلة لعلم الفتوى، والتي يجمعها عنوان التأويل، كما أوضح الأمام علي عندما قال لمخاطبه: ((أتعرف الناس من المنسوخ؟ ... تأويل كل حرف في القرآن على وجوه)). فعلق التأويل المصرف لوجوه الخطاب على المعرفة بالناسخ والمنسوخ.

كما يتضح أن الخطابات والحوارات تبدأ من عهد الرسول مرورا بعهد الإمام علي(ع)، ثم عهد الإمامين الصادقين وتتابع مع الإمام الكاظم، وفي الأئمة من بعده، وعلى امتداد ما يقارب من 250 سنة، لتؤكد على علم التأويل بأدواته، المحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ، باعتبارها العدة المنهجية التي تمثل المفاتيح التي تخول من يملكها الإطلاع على كنوز المعرفة التي تختزنها آيات الكتاب، كما إن التجرد من هذا العلم المنهجي في التعاطي مع الكتاب يقود إلى الشطط والتخرص والتقول افتراء، وقد حرم الله ذلك بالقول: (ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق)169/7.

إلا إن علم التأويل الذي قعده الرسول(ص) وأشاعه في الأمة، دخل بعد وفاة الرسول حيز المصادرة، ومع مرور الزمن أخذت تضيق عليه حلقة الحصار وتستهدفه الحملات بالتقويض والإقصاء من الوجود، كما تنبأ الرسول: ((تعلموا الفرائض والقرآن وعلموه الناس فاني مقبوض به))، وهذا ما استشعره الأمام الجواد، تاسع أوصياء البيت النبوي، حيث بدأت آنذاك نبوءة الرسول بالتظاهر، فقال (ع): ((كل أمة رفع الله عنهم علم الكتاب حين نبذوه، وولاهم عدوهم حين تولوه، وكان من نبذهم الكتاب ان أقاموا حروفه وحرفوا حدوده، فهم يروونه ولا يرعونه، والجهال يعجبهم حفظهم للرواية والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية)).

فرجعت الأمة القهقري، من العلم بالكتاب إلى العمل بالرأي، وقد تنبأ بذلك الرسول عندما قال (ص): ((تعمل هذه الأمة برهة بالكتاب، وبرهة بالسنة، وبرهة بالقياس، فإذا فعلوا ذلك ضلوا))، فحقت على الأمة كلمة الضلال والهلاك بتركها علم التأويل وعملها بمقاييس الرأي، حيث بدلوا قول الرسول(ص): ((من أفتى الناس بالمقاييس فقد هلك واهلك، ومن أفتى الناس وهو لا يعرف الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك وأهلك)) ، فكان هذا التبديل والتحريف يجاري عمل بني إسرائيل: (فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون)59/2، فظهر في واقع الأمة الأئمة الأرباب الذين تنبأ بظهورهم الرسول(ص) لما قال: ((يأخذ الناس في آخر الزمان رؤساء جهالا يفتونهم بغير علم فيضلون ويضلون)). وهم الذين يصف الإمام علي(ع) نموذجهم بالقول: ((لقد اسماه أشباه الناس عالما وليس به))..

وهكذا شرع الفقهاء الشركاء دينا لم يأذن به الله: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم)21/42، وفرقوا دين الأمة المؤمنة: (ولا تكونوا من المشركين، من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون)32/30، فأعلن الكتاب براءة الرسول (ص) منهم، ثم حضّ على تجنب الشرك الذي تجسّم في ظاهرة (المذاهب)، التي تعتبر أديان قامت على أنقاض دين التوحيد، وتعتمد التقول في الدين. وفي الدعوة لتجنب الشرك دعوة ضمنية للالتزام بالصراط المستقيم المستند إلى الاستنطاق ونبذ التقوّل.


[size=82]تحليل مفهوم التأويل
[/size]
[size]
سوف نقوم بتحري التراث المروي عن تلك الحقبة لنلاحظ آثار الحقل الفقهي الأول، التي تجلى في مرتكزات عملية استنباط الفتوى، والتي ألقاها الرسول على جموع المسلمين المتجمهرين حلقا حوله، وروتها الرواة من بعده، واعتمدها فقهاء أهل البيت بصورة تكررت على امتداد الزمن. وقد وجدنا ان تلك المرتكزات تتلخص في اربع: المحكم، المتشابه، الناسخ، المنسوخ، وهي الركائز التي تتمخض عنها آلية نسخية، تؤسس ما نصطلح عليه بالدائرة التأويلية. وقد شرطت تلك المدرسة للتعاطي مع الخطاب المعرفة بهذه الركائز، وما ينشأ عنها من آلية باعتبارها منهجا. فأوضحت كل محاولة استنباط تتجرد من التعاطي المنهجي المشار إليه، عارية عن الصحة وغير جديرة بالاعتبار، وعليه قام البرهان. وهذا استعراض لبعض الأحاديث الدالة على ذلك:
عن رسول الله (ص): ((من أفتى الناس بالمقاييس فقد هلك وأهلك، ومن أفتى الناس وهو لا يعرف الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك وأهلك)). يعلق الرسول في هذا الحديث الفتيا التي يشتغل بها الفقيه بالمعرفة بالركائز الأربعة.
ثم في حقبة ما بعد رحيل الرسول نجد الإمام علي يمر بقاض من قضاة الرأي، الذين تفشوا في تلك المرحلة، فيسأله عن معرفته بعلم الفتيا المتمثل في الأركان الأربعة، فيعرب القاض عن عدم إلمامه بها. مما دعا الإمام لأن ينذره بالهلاك، الذي أشار إليه الرسول(ص) في حديثه. حيث لا يمكن استنباط الفتيا ومعرفة وجوه الحكم في القضاء إلا استنادا إلى تلك الأركان، التي تمثل علم الفتيا والاستنباط. فعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ: ((أَنَّ عَلِيّاً (ع) مَرَّ عَلَى قَاضٍ فَقَالَ: أَ تَعْرِفُ النَّاسِخَ مِنَ الْمَنْسُوخِ؟ قَالَ: لَا. فَقَالَ: هَلَكْتَ وأهلكْتَ)) . فعلق علم التأويل على المعرفة بالناسخ والمنسوخ. كما أوضح بسؤاله القاضي عن معرفته بالناسخ والمنسوخ عن وجود هذا العلم متاحا لمن يريد التعرف عليه، والتعلم لقواعده وأدواته، فهو ليس بحكر على أحد.
ولما انشق قسم من جبهة العراق، عُرِف بالخوارج، الذين طالما قاتلوا تحت قيادة الإمام علي(ع)، فخاض بهم لجج الحروب التي اشتهرت بحروب التأويل. حكم أولئك المنشقون على قبول الإمام علي بالتحكيم مكرها بالكفر، وطالبوه بالتوبة. فجادلهم وابتدأ جداله معهم حول المعرفة بمنهج استنباط الحكم من الكتاب قائلا ما فحواه: ألكم علم بالمنهج الذي يخولكم الحكم في القضايا بحيث حكمتم بما حكمتم؟ فأوضح تمكنه من علم التأويل، بتمكنه من العناوين الرئيسة لهذا العلم: المحكم المتشابه الناسخ والمنسوخ، وقد شهد الخوارج له بذلك. ودانوا أنفسهم لما اقروا بالجهل بعلم التأويل، لجهلهم بالعناوين الرئيسة. لذلك استخلص الإمام علي حجته المفحمة؛ عندما أوضح انه حكم بالكتاب، بينما هم لفقدهم أهلية الحكم، صار إفتاؤهم بكفره ضربا من الحكم الجائر الصادر عن فاقد الأهلية. وهذا نص الحوار الدائر بين الطرفين، كما يرويه الإمام نفسه: ((قال: لما أردت قتال الخوارج بعد أن أرسلت إليهم ابن عباس لإقامة الحجة عليهم: قلت: يا معشر الخوارج أنشدكم الله، ألستم تعلمون أن في القرآن ناسخا ومنسوخا، ومحكما ومتشابها، وخاصا وعاما؟! قالوا: اللهم نعم!. فقلت: اللهم اشهد عليهم! ثم قلت: أنشدكم بالله هل تعلمون ناسخ القرآن من منسوخة، ومحكمه ومتشابهة، وخاصة وعامه؟! قالوا: اللهم لا! قلت: أنشدكم بالله! هل تعلمون أني أعلم ناسخه ومنسوخة ومحكمه ومتشابهة وخاصة وعامه؟! قالوا اللهم: نعم!. فقلت: من أضل منكم! وقد أقررتم بذلك!! ثم قلت: اللهم إنك تعلم أني حكمت فيه بما أعلـمه)).
وتستمر مدرسة أهل البيت تُركّز على شرط المعرفة بأركان الفتوى، فالإمام الصادق(ع) في حواره مع أبي حنيفة، مفتي أهل العراق، يسأل هذا الأخير عن امتلاكه المؤهلات التي تخوله الاشتغال في الفتيا، حتى يشغل مقام مفتي العراق، فيسأله عن العناوين الرئيسة لعلم التأويل: المحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ، ولما يعرب أبو حنيفة عن العلم بها، يختبره الإمام الصادق ويكشف عن جهله. وهذا نص الخبر:
قال أبو عبدالله الصادق لأبي حنيفة لما دخل عليه: ((من أنت؟
قال: أبو حنيفة!
قال (ع): مفتي أهل العراق؟ قال: نعم.
قال (ع): بما تفتيهم؟ قال: بكتاب الله.
قال (ع): وانك لعالم بكتاب الله، ناسخه ومنسوخة، ومحكمه ومتشابهة؟)).
وفي السياق ذاته، يدخل بعض المتنسكين على الإمام الصادق، يطرحون عليه دعوتهم للزهد بصورة متعسفة، فيسألهم قبل مناقشتهم في دعوتهم، عن أهليتهم لاستنباط الفتوى: ((ألكم علم بناسخ القرآن من منسوخة، ومحكمه من متشابهه، الذي في مثله ضل من ضل، وهلك من هلك من هذه الأمة؟!)). انطلاقا من قناعة الإمام الصادق بعدم إمكانية الحديث عن أي فتوى تنسب إلى القرآن، في الوقت الذي يفتقد المستنبط العلم بالمنهج الذي يخوله الاستنباط. ولما يعربون عن معرفة جزئية بالعناوين الرئيسة لعلم التأويل، يكشف الصادق أن ذلك هو الذي أوقع استنباطهم في الخطأ. ثم أوضح جور التصور الذي يدعون إليه، ثم طالبهم بالاهتمام بعلم التأويل الذي يمكن من ممارسة استنباط الفتوى بحق، بدل التورط في الجهالة: ((كونوا في طلب علم الناسخ من القرآن من منسوخة ومحكمه من متشابهه، وما أحل الله فيه مما حرّم ...)). وهذا هو نص الخبر: ((... فقال أبو عبدالله [لعدة أنفار جاءوا يعرضون عليه مذهبهم في التقشف]: أخبروني أيها النفر ألكم علم بناسخ القرآن من منسوخة، ومحكمه من متشابهه، الذي في مثله ضل من ضل، وهلك من هلك من هذه الأمة؟ فقالوا: بعضه فأما كله فلا. فقال لهم: من هاهنا أوتيتم، وكذلك أحاديث رسول الله (ص) [وبدأ في حديث طويل يشرح لهم ما غاب عنهم في رؤيتهم فتشابه الأمر عليهم حتى انتهى إلى القول:] فتأدبوا أيها النفر بآداب الله وكونوا في طلب علم الناسخ من القرآن من منسوخة ومحكمه من متشابهه وما أحل الله فيه مما حرّم، فانه أقرب لكم من الله وأبعد لكم من الجهل ودعوا الجهل ودعوا الجهالة لأهلها، فان أهل الجهل كثير، وأهل العلم قليل، وقد قال الله عز وجل: (وفوق كل ذي علم عليم)76/12)).
وفي الإطار ذاته، يصب الحوار الذي دار بين الحاكم العباسي هارون والإمام الكاظم، يعشواربموقف (قريش -أهل البيت) المتبني للتأويل في مقابل موقف (قريش -البيت العباسي) المتبني للرأي، ففي الخبر: «ولست أعفيك من كل ما أسألك عنه حتى تأتيني فيه بحجة من كتاب الله، وانتم، معشر ولد علي، تدعون انه لا يسقط عنكم منه شيء ألف ولا واو إلا وتأويله عندكم، واحتججتم بقوله عز وجل: (ما فرطنا في الكتاب من شيء)38/6، واستغنيتم عن رأي العلماء وقياسهم»، فيتضح من هذا المقطع من الحوار تمايز فكر مدرسة البيت النبوي عن التيارات الأخرى بعلم التأويل، الذي يمنح الكتاب اللاتناهي في عطائه الفكري، وهو ما من شأنه أن يجعل فكرهم المؤول يستغني عن تكلف قياسات الرأي بالقرآن المؤول. ثم نلتقي بهذاالمعنى في حديث الإمام الحسن العسكري، الوصي الحادي عشر، عندما يقول: ((يرفع الله بهذا القرآن والعلم بتأويله، وبموالتنا اهل البيت والتبري من اعدائنا، أقواما يجعلهم في الخير قادة، أئمة، تقتص آثارهم، وترمق أعمالهم، وتقتدي بفعالهم)).
وهكذا، يتضح من العبارات المتقدمة، التي اعتمدت كلمات مثل ((أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ / ... وانك لعالم بكتاب الله ناسخه ومنسوخه؟/ ... الكم علم بناسخ القرآن من منسوخه؟/ ... كونوا في طلب علم الناس من المنسوخ!))، أن هذه المعرفة وهذا العلم متاح للأمة، وفي متناول أفرادها أن يحيطوا به علما وليس هو بالسر، ولا بالعلم المستحيل، كما ليس ذاك العلم حكرا على فئة أو طائفة أو جماعة أو أفراد بعينهم. بل كان خطاب التعليم يطالب الأمة بأن ينبعث من كل طائفة منها من يتفقه في استنباط علم القرآن استنادا إلى المعرفة بعلم الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه، العناوين الرئيسة المفصلة لعلم الفتوى، والتي يجمعها عنوان التأويل، كما أوضح الأمام علي عندما قال لمخاطبه: ((أتعرف الناس من المنسوخ؟ ... تأويل كل حرف في القرآن على وجوه)). فعلق التأويل المصرف لوجوه الخطاب على المعرفة بالناسخ والمنسوخ.
كما يتضح أن الخطابات والحوارات تبدأ من عهد الرسول مرورا بعهد الإمام علي(ع)، ثم عهد الإمامين الصادقين وتتابع مع الإمام الكاظم، وفي الأئمة من بعده، وعلى امتداد ما يقارب من 250 سنة، لتؤكد على علم التأويل بأدواته، المحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ، باعتبارها العدة المنهجية التي تمثل المفاتيح التي تخول من يملكها الإطلاع على كنوز المعرفة التي تختزنها آيات الكتاب، كما إن التجرد من هذا العلم المنهجي في التعاطي مع الكتاب يقود إلى الشطط والتخرص والتقول افتراء، وقد حرم الله ذلك بالقول: (ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق)169/7.
إلا إن علم التأويل الذي قعده الرسول(ص) وأشاعه في الأمة، دخل بعد وفاة الرسول حيز المصادرة، ومع مرور الزمن أخذت تضيق عليه حلقة الحصار وتستهدفه الحملات بالتقويض والإقصاء من الوجود، كما تنبأ الرسول: ((تعلموا الفرائض والقرآن وعلموه الناس فاني مقبوض به))، وهذا ما استشعره الأمام الجواد، تاسع أوصياء البيت النبوي، حيث بدأت آنذاك نبوءة الرسول بالتظاهر، فقال (ع): ((كل أمة رفع الله عنهم علم الكتاب حين نبذوه، وولاهم عدوهم حين تولوه، وكان من نبذهم الكتاب ان أقاموا حروفه وحرفوا حدوده، فهم يروونه ولا يرعونه، والجهال يعجبهم حفظهم للرواية والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية)).
فرجعت الأمة القهقري، من العلم بالكتاب إلى العمل بالرأي، وقد تنبأ بذلك الرسول عندما قال (ص): ((تعمل هذه الأمة برهة بالكتاب، وبرهة بالسنة، وبرهة بالقياس، فإذا فعلوا ذلك ضلوا))، فحقت على الأمة كلمة الضلال والهلاك بتركها علم التأويل وعملها بمقاييس الرأي، حيث بدلوا قول الرسول(ص): ((من أفتى الناس بالمقاييس فقد هلك واهلك، ومن أفتى الناس وهو لا يعرف الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك وأهلك)) ، فكان هذا التبديل والتحريف يجاري عمل بني إسرائيل: (فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون)59/2، فظهر في واقع الأمة الأئمة الأرباب الذين تنبأ بظهورهم الرسول(ص) لما قال: ((يأخذ الناس في آخر الزمان رؤساء جهالا يفتونهم بغير علم فيضلون ويضلون)). وهم الذين يصف الإمام علي(ع) نموذجهم بالقول: ((لقد اسماه أشباه الناس عالما وليس به))..
وهكذا شرع الفقهاء الشركاء دينا لم يأذن به الله: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم)21/42، وفرقوا دين الأمة المؤمنة: (ولا تكونوا من المشركين، من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون)32/30، فأعلن الكتاب براءة الرسول (ص) منهم، ثم حضّ على تجنب الشرك الذي تجسّم في ظاهرة (المذاهب)، التي تعتبر أديان قامت على أنقاض دين التوحيد، وتعتمد التقول في الدين. وفي الدعوة لتجنب الشرك دعوة ضمنية للالتزام بالصراط المستقيم المستند إلى الاستنطاق ونبذ التقوّل.

[size=82]تحليل مفهوم التأويل[/size][size]



1) تعريف التأويل:


ما هو مفهوم (التأويل) في الحدود التي يعرضها الظاهر القرآني؟! يصادف الباحث في الإجابة على هذا السؤال، قوله تعالى: (إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين، قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك)4-5/12، هذه الرؤية التي رآها يوسف هي التي فسرها عندما قال تعالى: (فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين، ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا)109-100/12، من هذه المقارنة بين الخطابين القرآنيين اللذين يتمايزان في الموقع، ويتصلان في الموضوع يتضح أن التأويل ببساطة شديدة هو التفسير ليس إلا ...
هذه النتيجة تظهر أيضا في قوله تعالى: (يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون، قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون، ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون، ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون)46-49/12، ففي هذا الخطاب القرآني يتأكد تعريف التأويل بالتفسير، فعندما طلب العزيز تأويل الرؤيا المنامية التي رآها، إنما طلب تعبيرها وتفسيرها. إذن، فلم يكن تأويل يوسف للحلم إلا تفسيره لذاك الحلم...
ويتعزز هذا التعريف بشاهد ثالث يقدمه قوله تعالى: (فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال: أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا، قال: ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا، قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا، فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال: أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا، قال: ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا، قال: إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا، فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا، قال: هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا، أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا، وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا، فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما، وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تستطع عليه صبرا)71-82/18، فتأويل العبد الصالح، للوقائع المشار إليها، واضح أنها تفسيرات، ليس أكثر، فقوله: (سأنبئك بتأويل...)، أي سأنبئك بتفسير ...
وهكذا، نجد أن الخطابات القرآنية الثلاث تجمع على تعريف التأويل بالتفسير، وهو ما يفند محاولات المتأخرين للتفريق بين التفسير والتأويل، لقد كانت محاولتهم ضربا من العبث، باعتبارها حاولت أن تفرق بين الشيء وذاته، وهو ما أُعضل عليهم لاستحالته، فكانت لهم في هذا الصدد محاولات عشر للتفريق لم تأت بخير(*). وجعلت المبحث معلق في إطار نظري غير منتج، متعذر العمل به لتشابهه ...

[size=16]2) أنماط العلاقات التفسيرية:[/size][size]


فإذا وجد ثمة فارق بين مفهوم التأويل، الذي تعرض له الخطابات الثلاث، فذلك لأن النموذج الأول هو تفسير للخطاب الحلمي من خلال معطيات الواقع الخارجي الذي يتطابق معه، حيث فسر يوسف سجود الكواكب والشمس والقمر له، بسجود أخوته وأبويه عندما اعتلى عرش مصر، فكان الحلم يترجم نفسه ويفك شفرته من خلال تلك الواقعة القائمة على الأرض آنذاك، وهو ما جعل يوسف يشير فقط إلى الحدث، ليقول: (وقال: يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا)100/12، فكان تفسير الرؤية يستند إلى مرجعية الواقع الخارجي بمعطياته ووقائعه وما يجري على الأرض من أحداث..
بينما النموذج الثاني هو تفسير الخطاب الحلمي من خلال خطاب لفظي مساوق، حيث فسر يوسف حلم العزيز من خلال نظره فيما يؤول إليه من واقع مستقبلي تحقق فيما بعد فعلا. فكان تأويل الرؤيا يقوم على تصريف كلماتها إلى ما تؤول إليها من ألفاظ مساوقة...
أما النموذج الثالث فإن الواقع الخارجي يفسر من خلال خطاب لفظي مساوق، وهو عشواربالنموذج الأول، حيث فسر العبد الصالح الوقائع التي جرت، والتي فيها خرق السفينة، وقتل الغلام، وأقام الجدار، فسرها من خلال البيان الذي أنشأه معللا لما جرى من أحداث. وهو عشواربللنموذج الذي فيه فسر يوسف حلمه من خلال الواقع الجاري على الأرض. وهو ما يكشف عن ارتباط الواقع بالخطاب بعلاقة تفسيرية متبادلة ..
وزبدة القول، إن التأويل قد يأتي على ثلاثة أنماط، فيكون تفسير خطاب بخطاب، أو تفسير الواقع بخطاب، أو تفسير الخطاب بالواقع.
وما يقال في الخطاب الحُلمي ينطبق على الخطاب القرآني، للتطابق الموجود بينهما في تشابه تركيب الخطابين من جهة، وفي اعتماد كل منهما للتأويل من جهة أخرى. وعليه، فان تفسير الخطاب القرآني يفسر تارة بخطاب لفظي مساوق، فاللفظ يفسره لفظ، وتارة يفسر من خلال الواقع الخارجي، فاللفظ القرآني يفسره واقع يأتي به الزمان، وهو ما أشار اليه ابن عباس عندما قال: ((القرآن يفسره الزمان))، وتارة ثالثة يفسر القرآن الواقع الخارجي، وهو ما يمكن صياغته في حديث مكمل لحديث ابن عباس، وينطوي عليه مفهوميا، بالقول: ((القرآن يفسر الزمان)). فنكتشف أن التفسير القرآني يمكن أن يأتي على ثلاثة أنماط:
1/ تفسير اللفظ باللفظ: آية قرآنية تفسرها آية قرآنية
2/ تفسير اللفظ بالواقع: آية قرآنية تفسرها آية كونية
3/ تفسير الواقع باللفظ: آية كونية تفسرها آية قرآنية
التاويل وعلم الخطاب[/size][/size][/size]



عدل سابقا من قبل منتظرالفرج في الخميس 25 مارس 2021, 1:31 am عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/abokwther118
سلام الله




عدد المساهمات : 2
تاريخ التسجيل : 03/11/2010
العمر : 77
الموقع : othman- m@scs-net.org

الدرس الثاني في التاويل Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدرس الثاني في التاويل   الدرس الثاني في التاويل Icon_minitime1الأربعاء 08 ديسمبر 2010, 1:53 am

مشكور اخي الكريم ابو كوثر على التوضيح
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
منتظرالفرج
مديرالمنتدى والمشرف العام
مديرالمنتدى والمشرف العام
منتظرالفرج


عدد المساهمات : 993
تاريخ التسجيل : 14/08/2010

الدرس الثاني في التاويل Empty
مُساهمةموضوع: رد: الدرس الثاني في التاويل   الدرس الثاني في التاويل Icon_minitime1الخميس 25 مارس 2021, 1:22 am

أيضا نستنبط من النصوص المتقدمة،إن التأويل ينتج عنه الكشف عن علم يتعلق بالمستقبل، كما وجدنا ذلك في تفسير يوسف لحُلم العزيز أو لحلمي صاحبي السجن، حيث تأويله أفضى إلى التنبوء بالكارثة التي ستحل مستقبلا باقتصاد مصر الفرعونية، كما أفضى تفسير حلم صاحبي السجن بالتنبؤ بإطلاق سراح الساقي، ليخرج من السجن ورجوعه إلى السقاية في بلاط العزيز، كما تنبأ بقتل وصلب السجين الآخر.
كذلك يؤدي الخطاب القرآني في ظل التأويل العلم المتعلق بالماضي، كما وجدنا في تأويل يوسف سجود إخوته بأنه تفسير للرؤيا التي رآها في طفولته، بسجود الشمس والقمر وأحد عشر كوكبا. فكان تأويل آيات الواقع الحادث يخبر عن الماضي ووقائع التاريخ...
كما إن الخطاب في ظل التأويل ينتج عنه الحكم الفصل في الاختلافات والمنازعات، كما وجدنا في تأويل العبد الصالح خرقه السفينة، وقتله للغلام، وإقامة الجدار، وقد كانت مواضيع خلافية، استند إليها موسى في إعلانه النكير على العبد الصالح وأظهر الاختلاف معه، فعندما تأول تلك الأمور انتهى الاختلاف، وانكشف سوء الفهم الذي طرأ على ذهنية موسى.
أيضا يمكن أن نجد التأويل باعتباره حكما في الاختلافات في قوله تعالى: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا)59/4، فحَكَّمَ هذا النص الكتاب في الخصومات تأويلا. وهو ما سيتضح أكثر في العنوان اللاحق .
وبهذا نكتشف السند القرآني لأحاديث الرسول التي تنسبُ إلى الكتاب قابلية كشفه عن أحداث الماضي، ووقائع المستقبل، والحكم في المنازعات، عندما قال (ص): ((كتاب الله فيه بيان ما قبلكم من خير، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم)). فكان ذلك الواقع من تعدد أبعاد علم الكتاب يقوم على استنطاق القرآن تأويلا. وهو ما أكده الإمام علي(ع): ((فَاسْتَنْطِقُوهُ وَلَنْ يَنْطِقَ لَكُمْ أُخْبِرُكُمْ عَنْهُ؛ إِنَّ فِيهِ عِلْمَ مَا مَضَى، وَعِلْمَ مَا يَأْتِي، إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَحُكْمَ مَا بَيْنَكُمْ، وَبَيَانَ مَا أَصْبَحْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ فَلَوْ سَأَلْتُمُونِي عَنْهُ لَعَلَّمْتُكُمْ)). وأكد الفكرة ذاتها حفيده سادس الأوصياء الإمام الصادق (ع) عندما قال في السياق ذاته وبتكرار العبارة ذاتها: ((من القرآن حلال ومنه حرام، ومنه نبأ ما قبلكم، وحكم ما بينكم، وخبر ما بعدكم)). كل هذه الأحاديث مستوحاة من الآيات التي يقدمها العرض الآنف الذكر.
حاكمية الكتاب

يضاف إلى ذلك، ان هذه الصيغ التفاعلية الثلاث، الآنفة الذكر، التي تربط القرآن مع نفسه، فيفسر بعضه بعضا تارة، وتربطه بالواقع الخارجي، فيفسره تارة ويتفسر به تارة أخرى، هي التي تؤسس لحاكمية القرآن في الاختلاف والتنازع. فأحاديث العرض على القرآن، تتكشف من خلال قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا)59/4، وهي المعيارية التي يشرحها الإمام علي (ع) بالقول: ((فَقَدْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِقَوْمٍ أَحَبَّ إِرْشَادَهُمْ: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمر مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْ‏ءٍ فَرُدُّوهُ إلى اللَّهِ وَالرَّسُولِ)، فَالرَّدُّ إلى اللَّهِ الْأَخْذُ بِمُحْكَمِ كِتَابِهِ وَالرَّدُّ إلى الرَّسُولِ الْأَخْذُ بِسُنَّتِهِ الْجَامِعَةِ غَيْرِ الْمُفَرِّقَةِ))، وخاتمة الآية (ذلك خير وأحسن تأويلا) تكشف أن العرض على الكتاب ينبغي أن يتوسل بعلم التأويل، باعتباره هو المنهج الذي علقت عليه آية سابقة تفصيل الكتاب. وهذا يكشف أن أحاديث العرض التي استنبطها الرسول من هذه الآية، والتي تدعو المسلمين لعرض الأحاديث على الكتاب لتحقق منها، تدل على أن المسلمين لهم القدرة على استنباط تلك الأحاديث تأويلا، إذ ما عملية العرض إلا إعادة استنباط فكرة الحديث من الكتاب. وهذا ما يجعل أحاديث العرض من أمتن الأدلة على أن علم التأويل كان متاحا للجميع.
كذلك أحاديث العرض من أمتن الأدلة الناقضة للمقولة التي تجعل علاقة السنة بالكتاب علاقة تفصيل، بمعنى أن أحاديث السنة تهب الكتاب من البيان ما ليس فيه، ففكرة عرض الحديث على الكتاب تفيد ان أحاديث السنة باعتبارها أفكار تفصيلية، عندما تعرض على الكتاب تفيد أن التفاصيل أخذت من الكتاب وليست مفقودة فيه، بحيث يكون الحديث يفصل الكتاب، لا أن يكون نتاج تفصيل الكتاب. فالعقل المتأخر نظر إلى الكتاب نظرة الخطاب المجمل الفاقد تفاصيله، تلك التفاصيل التي تهبها له السنة من خارجه، وليس من داخله أو بالاستناد إليه.
والخلاصة، إن السنة تفصل الكتاب بمعنى إنها تنتج عن طريق ردّ آيات الكتاب إلى بعضها في عملية استنطاقية، يفسر فيها القرآن خطابه، فتنشأ الأحاديث باعتبارها تفاصيل عن هذه العملية التفسيرية/التفصيلية، فتكون تفصيلا للكتاب، لا بمعنى التفصيل الذي يجعل السنة لها أفكارا مستقلة، ليس مصدرها الكتاب، وتأتي لتهب الكتاب تفاصيل هو يفتقدها ويخلو خطابه منها، فهذا محال.
التاويل والتنزيل

إذا عرفنا أن التأويل هو التفسير، فإننا نلاحظ تارة أن التفسير يسبق المُفسَّر، وتارة ثانية يتزامن معه، وتارة ثالثة يكون فيه، بمعنى أن يكون هو هو، وتارة رابعة، يجيء التفسير بعد المُفسَّر.
نجد النموذج الذي يقع فيه التفسير قبل المُفسَّر، فيما يذكره قوله تعالى: (قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذلكما مما علمني ربي)37/12، فيؤول يوسف الواقع قبل حدوثه. ونموذج التفسير الذي يقع بعد المُفسَّر، نجده في قوله تعالى: (إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين، قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك)4-5/12، نجد فيه أن يوسف ينتظر الزمن ليفسر تلك الرؤية، فعندما أوقعت أو جاءات أحداث الحياة بتأويلها قال يوسف بعد ان (رفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال: يا أبت! هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا)100/12، ، ففي هذا النموذج نجد أن تفسير الحلم يأتي بعد وقوعه. بينما النموذج الذي فيه التفسير يقع (في) المُفسَّر، أي أن يكون هو هو، نجده في رؤيا إبراهيم: (قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين)02/37، ففي هذا النموذج نجد أن تفسير الرؤية هو عين المُفسَّر، فالخطاب الحلمي لإبراهيم ينص على أن يذبح إسماعيل، وتفسير الخطاب هو في الخطاب ذاته. بينما النموذج الذي يجيء فيه التفسير (مع) المُفسَّر نجده في تفسير صاحبي السجن، حيث ذكر الخطاب القرآني التفسير مع المُفسَّر: (ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا وقال: الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين (...) يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا، وأما الأخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضي الأمر الذي فيه تستفتيان)، فالتساؤل عن معنى ان (يعصر خمرا)، أو أن (يحمل خبزا ..)، تأويله فيما ذكرته الآية القرآنية التالية، فالخطاب القرآني ذكر الرؤية ومعها تفسيرها(: تأويلها)، فكان ذلك نموذج لاجتماع التفسير مع المُفسَّر ...
وهذا التقسيم لعلاقة التفسير بالمُفسَّر، (قبل) و(بعد) و(مع) و(في)، هي التي يطبقها الإمام علي، على الخطاب القرآني بعد ان أخذها من الخطابات الحلمية، التي سردها القرآن، فيتحدث عن (التفسير) تحت اسم (التأويل)، وعن (المُفسَّر) تحت اسم (التنزيل)، أي الخطاب القرآني النازل وحيا، الذي اصطلح عليه باسم (التنزيل)، فيقول (ع): ((وأما ما في كتابه تعالى في معنى التنزيل والتأويل: فمنه ما تأويله في تنزيله، ومنه ما تأويله قبل تنزيله، ومنه ما تأويله مع تنزيله، ومنه ما تأويله بعد تنزيله)).
ثم يشرح بضرب الأمثال، فيقول: ((فأما الذي تأويله في تنزيله فهو كل آية محكمة نزلت في تحريم أو تحليل شيء من الأمور المتعارفة التي كانت في أيام العرب، تأويلها في تنزيلها فليس يحتاج فيها إلى تفسير أكثر من تأويلها وذلك قوله تعالى: (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم..) 23/4، وقوله: (إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير) 173/2، وقوله: (اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا - إلى قوله - وأحل الله البيع وحرم الربا)، ومثل ذلك في القرآن كثير مما حرّم الله سبحانه، لا يحتاج المستمع إلى مسألة عنه...، (وإذا حللتم فاصطادوا) 2/5... (أحلت لكم بهيمة الإنعام) 1/5، ومثل هذا كثير في كتاب الله.
((وأما الذي تأويله قبل تنزيله فمثل قوله تعالى في الأمور التي حدثت في عصر النبي(ص)، مما لم يكن فيها حكم مشروح، ولم يكن عند النبي فيها شيء، ولا عرف ما وجب فيها، (..) مثل ذلك الظهار كحدث وقع قبل مجيء التنزيل)).
((وأما ما تأويله مع تنزيله، فمثل قوله تعالى: (يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) 119/9، فيحتاج من سمع هذا التنزيل عن رسول الله أن يدل عليهم، ويجب على الأمة حينئذ امتثال الأمر، ومثله قوله تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) 12/64، فلم يستغن الناس في هذا المعنى بالتنزيل دون التفسير كما استغنوا بالآيات المتقدمة التي ذكرت في آيات ما تأويله في تنزيله.. حين بين لهم رسول الله (ص)، أن الولاة للأمر الذي فرض الله طاعتهم من عترته المنصوص عليهم.))
((وأما ما تأويله بعد تنزيله فهي الأمور التي أخبر الله عزّ وجلّ رسوله (ص) بإنها ستكون بعده، مثل ما أخبر به من أمور القاسطين والمارقين والخوارج، وقتل عمار [بن ياسر] جرى ذلك المجرى، وأخبار الساعة والرجعة وصفات القيامة، مثل قوله تعالى: (هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا)53/7،.. (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) 105/21، (الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين)1-4/30، فنزلت هذه ولم يكن غلبت، وغلبت بعد ذلك.)).



* اعتقد الفقهاء المتأخرون بان الرسول لم يأت بمنهج لفقه النص، يقول السيد الخوئي : ((لاشك ان النبي لم يخترع لنفسه طريقة خاصة لافهام مقاصده، وانه كلم قومه بما الفوه من طرائق التفهيم والتكلم، وانه اتى بالقرآن ليفهموا معانية وليتدبروا اياته، فيأتمرون باوامره ، ويزدجرون بزواجره))، ويضيف السيد محمد باقر الصدر: ((كان علم الشريعة الذي يحاول التعرف على الاحكام التي جاء الاسلام بها من عندالله تعالى، في مرحلته الاولى في صدر الاسلام، قائما على مستوى الحديث،وكان العمل الاساسي فيه يكاد يكون مقتصرا على جمع الروايات وحفظ النصوص، وان طريقة فهم الحكم الشرعي من تلك النصوص والروايات، فلم تكن ذات شان في تلك المرحلة ، لانها لم تكن تعدوا الطريقة الساذجة، التي يفهم بها الناس بعضهم كلام بعض في المحاورات الاعتيادية)). يقول محمد مهدي شمس الدين: ((لا شك ان الاجتهاد بالمعنى المصطلح لم يكن موجودا في عهد الرسول، وانما حدث هذا الاصطلاح بعد ذلك، فقد كانت الشرعية في دور التكامل بالوحي القرآني وبالسنة، وكانت النصوص في الخاصة تعالج امور المسلمين المستجدة وتبين احاكمها، وكذلك القواعد العامة في التشريع)) وتتابعت الاقول في هذا الصدد: ((ان المفسرين الاولين من الصحابة والتابعين كانوا يعتمدون على ما عرفوا او نقل اليهم من كلام نبيهم تفسيرا للايات وايضاحا لسبب نزولها، او على اجتهادهم الشخصي في فهم الالفاظ كما وردت معانيها في الادب الجاهلي، ومن توسع منهم استند الى تفسير اليهود والنصارى لكتب دينهم يوضح ما اشار اليه من احداث يهودية ونصرانية، ولم يعرفوا ستنباطا علميا لحكم فقهي ولا كان لهم منهج علمي ومذهب يتبع))، ويترتب على مجمل هذه الاقول: ((ان الاجتهاد بالمعنى المصطلح عليه –صيغة ومضمونا – لم يكن موجودا في عهد النبي، ولم يكن يطلق على الرسول انه فقيه، لان الاصل ان علمه بالاحكام لم ينشأ عن النظر والاستدلال، وانما عن الإيحاء اليه)) (للمزيد راجع، التأويل منهج الاستنباط في الاسلام، للمولف، ص222).




(*) وممن استعرض جانب من ذلك الخلاف في المسألة السيوطي في كتابه (الاتقان في علوم القرآن): ((واختلف في التفسير والتأويل‏.‏

فقال أبوعبيد وطائفة‏:‏ هما بمعنى وقد أنكر ذلك قوم حتى بالغ ابن حبيب النيسابوري فقال‏:‏ قد نبغ في زماننا مفسرون لوسئلوا عن الفرق بين التفسير والتأويل ما اهتدوا إليه‏.‏

وقال الراغب‏:‏ التفسير أعم ن التأويل وأكثر استعماله في الألفاظ ومفرداتها وأكثر استعمال التأويل في المعاني والجمل وأكثر ما يستعمل في الكتب الإلهية والتفسير يستعمل فيها وفي غيرها‏.‏

وقال غيره‏:‏ التفسير بيان لفظ لا يحتمل إلا وجهًا واحدًا والتأويل توجيه لفظ متوجه إلى معان مختلفة إلى واحد منها بما ظهر من الأدلة‏.‏

وقال الماتريدي‏:‏ التفسير:‏ القطع على أن المراد من اللفظ هذا والشهادة على أنه عنى باللفظ هذا فإن قام دليل مقطوع به فصحيح وإلا فتفسير بالرأي وهو المنهى عنه‏.‏

والتأويل‏:‏ ترجيح أحد المحتملات بدون القطع والشهادة على الله‏.‏

وقال أبو طالب الثعلبي‏:‏ التفسير‏:‏ بيان وضع اللفظ إما حقيقة أومجازًا كتفسير الصراط بالطريق والصيب بالمطر‏.‏

والتأويل‏:‏ تفسير باطن اللفظ مأخوذ من الأول وهو الرجوع لعاقبة الأمر فالتأويل إخبار عن حقيقة المراد والتفسير إخبار عن دليل المراد لأن اللفظ يكشف عن المراد والكاشف دليل مثاله قوله تعالى إن ربك لبالمرصاد تفسيره‏:‏ انه من الرصد يقال رصدته‏:‏ رقبته والمرصاد مفعال منه‏.‏

وتأويله التحذير من التهاون بأمر الله والغفلة عن الأهبة والاستعداد للعرض عليه‏.‏

وقواطع الأدلة تقتضي بيان المراد منه على خلاف وضع اللفظ في اللغة‏.‏

وقال الأصبهاني في تفسيره‏:‏ اعلم أن التفسير في عرف العلماء كشف معاني القرآن وبيان المراد أعم من أن يكون بحسب اللفظ المشكل وغيره وبحسب المعنى الظاهر وغيره والتأويل أكثره في الجمل‏.‏

والتفسير إما أن يستعمل في غريب الألفاظ نحو البحيرة والسائبة والوصلية أوفي وجيز تبيين لشرح نحو أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وإما في كلام متضمن لقصة لا يمكن تصويره إلا بمعرفتها كقوله ‏(‏إنما النسيء زيادة في الكفر‏)‏ وقوله ‏(‏وليس البر أن تأتوا البيوت من ظهورها‏)‏‏.‏وأما التأويل فإنه يستعمل مرة عامًا ومرة خاصًا نحو الكفر المستعمل تارة في الجحود المطلق وتارة في الجحود الباري عز وجل خاصة والإيمان المستعمل في التصديق المطلق تارة وفي تصديق الحق أخرى‏.‏

وأما في لفظ مشترك بين معان مختلفة نحولفظ وجد المستعمل في الجدة والوجد والوجود‏.‏

وقال غيره‏:‏ التفسير يتعلق بالرواية والتأويل يتعلق بالدراية‏.‏

وقال أبونصر القشيري‏:‏ التفسير مقصور على التباع والسماع والاستنباط مما يتعلق بالتأويل‏.‏

وقال قوم‏:‏ ما وقع مبينًا في كتاب الله ومعينًا في صحيح السنة سمي تفسيرًا لأن معناه قد ظهر ووضح وليس لأحد أن يتعرض إليه باجتهاد ولا غيره بل يحمله على المعنى الذي ورد لا يتعداه‏.‏

والتأويل‏:‏ ما استنبطه العلماء العاملون لمعاني الخطاب الماهرون في آلات العلوم‏.‏

وقال قوم منهم البغوي والكواشي‏:‏ التأويل‏:‏ صرف الآية إلى معنى موافق لما قبلها وما بعدها تحتمله الآية غير مخالف للكتاب والسنة من طريق الاستنباط‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ التفسير في الاصطلاح علم نزول الآيات وشؤونها وأقاصيصها والأسباب النازلة فيها ثم ترتيب مكيها ومدنيها ومحكمها ومتشابهها وناسخها ومنسوخها وخاصها وعامها ومطلقها ومقيدها ومجملها ومفسرها وحلالها وحرامها ووعدها ووعيدها وأمرها ونهيها وعبرها وأمثالها‏.‏

وقال أبوحيان‏:‏ التفسير‏:‏ علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها وأحكامها الإفرادية والتركيبية ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب وتتمات لذلك‏.‏ قال‏:‏ فقولنا علم جنس وقولنا يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن هوعلم القراءة وقولنا ومدلولاتها‏:‏ أي مدلولات تلك الألفاظ وهذا متن علم اللغة الذي يحتاج إليه في هذا العلم وقولنا وأحكامها الإفرادية والتركيبية هذا يشمل علم التصريف والبيان والبديع وقولنا ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب يشمل ما دلالته بالحقيقة وما دلالته بالمجاز فإن التركيب وقد يقتضي بظاهره شيئًا ويصد عن الحمل عليه صاد فيحمل على غيره وهوالمجاز وقولنا وتتمات لذلك هومثل معرفة النسخ وسبب النزول وقصة توضح بعض ما أبهم في القرآن ونحوذلك‏.‏

وقال الزركشي‏:‏ التفسير‏:‏ علم يفهم به كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وبيان معانيه واستخراج أحكامه وحكمه واستمداد ذلك من علم اللغة والنحووالتصريف وعلم البيان وأصول الفقه والقراءات ويحتاج لمعرفة أسباب النزول والناسخ والمنسوخ‏.‏ )).

فقال أبوعبيد وطائفة‏:‏ هما بمعنى وقد أنكر ذلك قوم حتى بالغ ابن حبيب النيسابوري فقال‏:‏ قد نبغ في زماننا مفسرون لوسئلوا عن الفرق بين التفسير والتأويل ما اهتدوا إليه‏.‏
وقال الراغب‏:‏ التفسير أعم ن التأويل وأكثر استعماله في الألفاظ ومفرداتها وأكثر استعمال التأويل في المعاني والجمل وأكثر ما يستعمل في الكتب الإلهية والتفسير يستعمل فيها وفي غيرها‏.‏
وقال غيره‏:‏ التفسير بيان لفظ لا يحتمل إلا وجهًا واحدًا والتأويل توجيه لفظ متوجه إلى معان مختلفة إلى واحد منها بما ظهر من الأدلة‏.‏
وقال الماتريدي‏:‏ التفسير:‏ القطع على أن المراد من اللفظ هذا والشهادة على أنه عنى باللفظ هذا فإن قام دليل مقطوع به فصحيح وإلا فتفسير بالرأي وهو المنهى عنه‏.‏
والتأويل‏:‏ ترجيح أحد المحتملات بدون القطع والشهادة على الله‏.‏
وقال أبو طالب الثعلبي‏:‏ التفسير‏:‏ بيان وضع اللفظ إما حقيقة أومجازًا كتفسير الصراط بالطريق والصيب بالمطر‏.‏
والتأويل‏:‏ تفسير باطن اللفظ مأخوذ من الأول وهو الرجوع لعاقبة الأمر فالتأويل إخبار عن حقيقة المراد والتفسير إخبار عن دليل المراد لأن اللفظ يكشف عن المراد والكاشف دليل مثاله قوله تعالى إن ربك لبالمرصاد تفسيره‏:‏ انه من الرصد يقال رصدته‏:‏ رقبته والمرصاد مفعال منه‏.‏
وتأويله التحذير من التهاون بأمر الله والغفلة عن الأهبة والاستعداد للعرض عليه‏.‏
وقواطع الأدلة تقتضي بيان المراد منه على خلاف وضع اللفظ في اللغة‏.‏
وقال الأصبهاني في تفسيره‏:‏ اعلم أن التفسير في عرف العلماء كشف معاني القرآن وبيان المراد أعم من أن يكون بحسب اللفظ المشكل وغيره وبحسب المعنى الظاهر وغيره والتأويل أكثره في الجمل‏.‏
والتفسير إما أن يستعمل في غريب الألفاظ نحو البحيرة والسائبة والوصلية أوفي وجيز تبيين لشرح نحو أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وإما في كلام متضمن لقصة لا يمكن تصويره إلا بمعرفتها كقوله ‏(‏إنما النسيء زيادة في الكفر‏)‏ وقوله ‏(‏وليس البر أن تأتوا البيوت من ظهورها‏)‏‏.‏وأما التأويل فإنه يستعمل مرة عامًا ومرة خاصًا نحو الكفر المستعمل تارة في الجحود المطلق وتارة في الجحود الباري عز وجل خاصة والإيمان المستعمل في التصديق المطلق تارة وفي تصديق الحق أخرى‏.‏
وأما في لفظ مشترك بين معان مختلفة نحولفظ وجد المستعمل في الجدة والوجد والوجود‏.‏
وقال غيره‏:‏ التفسير يتعلق بالرواية والتأويل يتعلق بالدراية‏.‏
وقال أبونصر القشيري‏:‏ التفسير مقصور على التباع والسماع والاستنباط مما يتعلق بالتأويل‏.‏
وقال قوم‏:‏ ما وقع مبينًا في كتاب الله ومعينًا في صحيح السنة سمي تفسيرًا لأن معناه قد ظهر ووضح وليس لأحد أن يتعرض إليه باجتهاد ولا غيره بل يحمله على المعنى الذي ورد لا يتعداه‏.‏
والتأويل‏:‏ ما استنبطه العلماء العاملون لمعاني الخطاب الماهرون في آلات العلوم‏.‏
وقال قوم منهم البغوي والكواشي‏:‏ التأويل‏:‏ صرف الآية إلى معنى موافق لما قبلها وما بعدها تحتمله الآية غير مخالف للكتاب والسنة من طريق الاستنباط‏.‏
وقال بعضهم‏:‏ التفسير في الاصطلاح علم نزول الآيات وشؤونها وأقاصيصها والأسباب النازلة فيها ثم ترتيب مكيها ومدنيها ومحكمها ومتشابهها وناسخها ومنسوخها وخاصها وعامها ومطلقها ومقيدها ومجملها ومفسرها وحلالها وحرامها ووعدها ووعيدها وأمرها ونهيها وعبرها وأمثالها‏.‏
وقال أبوحيان‏:‏ التفسير‏:‏ علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها وأحكامها الإفرادية والتركيبية ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب وتتمات لذلك‏.‏ قال‏:‏ فقولنا علم جنس وقولنا يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن هوعلم القراءة وقولنا ومدلولاتها‏:‏ أي مدلولات تلك الألفاظ وهذا متن علم اللغة الذي يحتاج إليه في هذا العلم وقولنا وأحكامها الإفرادية والتركيبية هذا يشمل علم التصريف والبيان والبديع وقولنا ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب يشمل ما دلالته بالحقيقة وما دلالته بالمجاز فإن التركيب وقد يقتضي بظاهره شيئًا ويصد عن الحمل عليه صاد فيحمل على غيره وهوالمجاز وقولنا وتتمات لذلك هومثل معرفة النسخ وسبب النزول وقصة توضح بعض ما أبهم في القرآن ونحوذلك‏.‏
وقال الزركشي‏:‏ التفسير‏:‏ علم يفهم به كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وبيان معانيه واستخراج أحكامه وحكمه واستمداد ذلك من علم اللغة والنحووالتصريف وعلم البيان وأصول الفقه والقراءات ويحتاج لمعرفة أسباب النزول والناسخ والمنسوخ‏.‏ )).[/size]

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/abokwther118
 
الدرس الثاني في التاويل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الدرس الرابع في التاويل
» علم التاويل الدرس الاول
» الدرس الثاني عشر
» الدرس السادس
» الدرس الخامس عشر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
علم الحروف والجفر والزايرجة :: علم التاويل في القران والحديث-
انتقل الى: