علم الحروف والجفر والزايرجة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

علم الحروف والجفر والزايرجة

علوم ؛رياضيات ؛قضاء حوائج ؛ادعية ؛تنبؤات مستقبلية ؛تفسير احلام:-تاويل :احداث العالم ؛اخبار مايدور حولك:الحرب العالميةالثالثة وقتها ومن يبدأ بها؛حكم واحاديث وروايات وقصص
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 علم التاويل الدرس الاول

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
منتظرالفرج
مديرالمنتدى والمشرف العام
مديرالمنتدى والمشرف العام
منتظرالفرج


عدد المساهمات : 993
تاريخ التسجيل : 14/08/2010

علم التاويل الدرس الاول Empty
مُساهمةموضوع: علم التاويل الدرس الاول   علم التاويل الدرس الاول Icon_minitime1السبت 16 أكتوبر 2010, 6:29 pm

الا خوه الاعزاء احب ان انقل لكم مواضيع
في علـم التاويل لعلكم تستفيدوا
لقد تلخص دور الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) الـمؤسس لكيان الأمة الـمسلـمة، بربط ذلك الكيان بمرجعية الكتاب الـمقدس الذي يهبها نظام الحياة. وهذا الدور من شأنه أن يجعل الرسول مهتما بتلك العلاقة اهتماما بالغا، كي لا تنفك تلك العروة فتتخلى الأمة عن مرجعية القرآن، أو ترتبط بها بصورة شكلية خلو من أي معنى. لذلك رصد تطور علاقة الأمة بمرجعية الكتاب العزيز على امتداد الزمن القادم، وافرد له حيزا هاما من خطابه، بحيث أضحى البحث عن حقيقة وضع الأمة في علاقتها بالقرآن، اليوم، يمكن الكشف عن معالـمها من خلال الالتجاء إلى بيانات الرسول الـمستقبلية، الـمشتقة من الخطاب القرآني الـمتنبئ، الذي لـم يتخلف عن تسليط الضوء على معالـم الأزمة وتشخيص تلك العلاقة الـمفصلية التي فيا ترتبط الأمة بمرجعية الكتاب، وما سيطرأ عليها من تطورات وتحولات سلبية الطابع.
فنكتشف أن واقع القرآن في فكر الأمة اليوم ومنذ قرون خلت، يعد متجاوزا إلى حد الهجر والنبذ، تحقيقا للنبوءة القرآنية: (وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا)30/25، وانطلاقا من هذا الخطاب القرآني استنبط الرسول حديثه: «سيأتي على الناس زمان القرآن، في واد وهم في واد»، وترجم هذا الهجر للكتاب العزيز، بتحول الأمة إلى التماس الهدى من غير القرآن، وذلك عندما ألف الآباء كتبا اتبعوها وتركوا القرآن، إتباعا للنموذج التاريخي الذي مثله بنو إسرائيل، والذي تنبأ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) بإتباع الأمة له احتذاءً وإقتداء: «يَكُونُ فِي هَذِهِ الأمة كُلُّ مَا كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ وحَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ »( من ‏لا يحضره ‏الفقيه: 1/203)، ومما فعلته بنو إسرائيل فيما يتعلق بشأن الكتاب ما يذكره الحديث: «إن بني إسرائيل ألّفوا كتابا واتبعوه وتركوا التوراة»( الهندي، كنز العمال، ح(1089).). وكذلك فعلت الأمة، حيث اتبعت أجيال الأبناء على هذا، وهو ما مكن لظاهرة نبذ الكتاب: (فنبذوه وراء ظهورهم)187/3.


وأضحت علاقة الأمة بالكتاب، منذ قرون، تقتصر على القراءة، تلاوة وتجويدا وحفظا، لتصبح بمثابة أمة بني إسرائيل: (لا يعلـمون الكتاب إلا أماني)78/2، أي إلا قراءات، ومن هذه الآية القرآنية انطلق الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) عندما تحدث عن ظاهرة القرّاء الذين يقرؤون القرآن«لا يجاوز تراقيهم»، وهكذا تحقق في الأمة جانب النبوءة الذي يتحدث عن انحسار علـم الكتاب، مما قصر حصروه على الرسم: «ولـم يعرفوا من الكتاب إلا خطه وزبره»، فافتقدت الأمة بذلك القدرة على فهم كنوز الكتاب الفكرية والعلـمية، وعجزت عن الاهتداء إلى تفصيل مجملاته أو استنباط بطونه، وعوضت عن ذلك بالاهتمام الشكلي والفني القائم على الاعتناء برسم الخط القرآني، والزخرفة لحواشيه، والحرص على طبعه طبعات فخمة وأنيقة، ثم حرصت على تلاوته وتجويده، واقتصر علـمها على الـمعاني الـمعجمية، بينما قام إلى جانب هذا التوجه توجه آخر، يقوم على التفسير الباطني للكتاب، الـمتجاوز للظواهر. وقام اتجاه ثالث بينهما على العبور من الظاهر الى الباطن، ولكن بصورة كشفية تعتمد على قدرات خارقة، مع غياب الـمنهجية الإجرائية التي توضح وتضبط الـمنهج العبوري بصورة تكون في متناول الجميع.
وقد تحدث الإمام الصادق (ع) عن الفرقاء الثلاثة التي توزعت إليها تيار الأمة العريض، وحكم على توجهاتهم في فهم القرآن بحكم فصل عندما قال لـمخاطبة: «يا هيثم التميمي! إن قوما آمنوا بالظاهر وكفروا بالباطن، فلـم ينفعهم شي‏ء! وجاء قوم من بعدهم فآمنوا بالباطن وكفروا بالظاهر، فلـم ينفعهم ذلك شيئا! لا إيمان بظاهر إلا بباطن، ولا بباطن لا بظاهر»، فكان التمسك بالظاهر ونبذ الباطن أو التمسك بالباطن دون الظاهر، يحتم الدخول في التيه الذي أهلك القرون الأولى. وتبقى الجادة التي تشكل قصد السبيل، تتمثل في التمسك بالظاهر والباطن معا، حيث لا يستغني الظاهر عن الباطن، ولا يستقل الباطن عن الظاهر، بل يتعاضدان ويتداخلان في علاقة رشد هادية لا يمكن التفكيك بين طرفيها بحال، وفيها تقوم العلاقة الـمنهجية على العبور من ضفة الظاهر إلى ضفة الباطن الخصيبة، بتوالي النفوذ الفكري في عمق لا متناهي، مستعصي مداه عن الإدراك عند السبر...
واليوم فان انبعاث التأويل بالـمواصفات التي عُرف بها في صدر الإسلام، يُعدّ فتحا مبينا، لـما يعيد الكشف عن تمايز النسق الإشاري الكتاب إلى وجه ظاهر وآخر باطن، ويكشف عن آلية السبر والعبور والنهل من مخزونه الـمعرفي الزاخر، لأول مرة منذ قرون، ويستعيد الكتاب في ظل هذا الفتح هويته باستعادته لكل خصائصه التي تحدثت عنها أحاديث السنة النبوية، والتي لـم تكن قيد الاستيعاب على امتداد قرون مديدة. حيث ألـمحت الأحاديث وآيات الكتاب ذاته إلى أن القرآن يغدو في ظل علـم التأويل تبيانا لكل شيء، ويمتلك قابلية النطق، ويتصف باللاتناهي، وبقابليته على السفر في بُعد الزمن ليطل بقارئه على أحداث التاريخ، والتنبوء بوقائع الـمستقبل، ويمتلك القدرة على قول كلـمة الفصل في كل خلاف، والبت في كل نزاع يعرض عليه. وبعلـم التأويل تتظاهر معجزة الكتاب إلى حيز الشهود، فيشهدها العالـم باعتبار الكتاب معجزة الإسلام الخالدة، وآية نبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) الساطعة. كل هذه الخصائص الـمميزة لهوية الكتاب يتمكن من استعادتها في ظل هذا الانبعاث للتأويل الذي يعد علـما مفتاحيا، يسلـم الأمة مفاتيح خزائن الكتاب، ويخولها من جديد - بعد أن أضاعت تلك الـمفاتيح قرونا مديدة- أن تفتح خزائن الكتاب الكريم لتطلع على كنوز العلـم والـمعرفة والهدى، وتعيد استثمارها بما يُمكنها في الأرض تمكينا: «آيات الْقُرْآنِ خَزَائِنُ، فَكُلَّمَا فُتِحَتْ خِزَانَةٌ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَنْظُرَ مَا فِيهَا»( الكليني، الكافي : 



عدل سابقا من قبل منتظرالفرج في الثلاثاء 16 مارس 2021, 2:45 am عدل 6 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/abokwther118
منتظرالفرج
مديرالمنتدى والمشرف العام
مديرالمنتدى والمشرف العام
منتظرالفرج


عدد المساهمات : 993
تاريخ التسجيل : 14/08/2010

علم التاويل الدرس الاول Empty
مُساهمةموضوع: رد: علم التاويل الدرس الاول   علم التاويل الدرس الاول Icon_minitime1الإثنين 22 نوفمبر 2010, 3:38 am



لـما كان كل حدث تاريخي يخلف آثارا، ويترك ما يدل عليه، فإن ذلك يسري على حدث الفقه، حيث يصادف الباحث عن الآثار التي خلفتها تجربة الفقه الإسلامي الأولى، آنذاك – مؤشرات وآثار دالة.
­أولها، أن ثمة إعلانا تم على عهد الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، فيه دعيت الأمة الـمؤمنة بكل كتلها القبلية وأطيافها واختلاف جغرافيتها إلى القدوم للتفقه في الدين: (وما كان الـمؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)122/9، وهو ما يعني أن ثمة واقعا فقهيا تم إنشاؤه على عهد الرسول مع تأسيس دولة الـمدينة، حيث نجد هذه الآية، التي تعلن النفير العام من اجل التفقه في الدين، من الآيات الـمدنية. هذه الحقيقة عن الواقع الفقهي تنقض الـمقولة التي يُسلّم بها الـمتأخرون، والتي تنفي قيام واقع فقهي على عهد الرسول، وتدعي أن الوضع آنذاك كان قائما على استظهار الكتاب، وجمع الأحاديث النبوية فحسب، فلـم يكن ثمة فقهاء، وإنما رواة تحولت صدورهم إلى أوعية لحفظ الآيات وجمع الأحاديث فحسب.
الأثر الثاني الذي يصادفه الباحث، والذي يعزز القناعة الأولى، بوجود هذا الواقع الفقهي- حديث القرآن عن الاستنباط: (ولو ردوه إلى الرسول والى أولي الأمر منهم لعلـمه الذين يستنبطونه منهم)83/4، فهنا حديث عن طائفة يأتي الرسول في طليعتها تمارس استنباط العلـم، ويرتبط الاستنباط بـالفقه، الذي يعني (الفهم) لغةًً، والفهم هو استنباط غور العلـم: «غائص الفهم وغور العلـم»، كما يقول الإمام علي (ع). فكانت عملية الفقه والفهم تعرف باستنباط الـماء من غور الأرض، بكل ما تتطلبه تلك العملية من تثوير للأرض والحفر فيها من أجل بلوغ الغور الحاوي للـمياه الجوفية، فقد عرف العرب ذلك ومارسوه وسموه استنباطا. فهذا يؤكد أن الفقه كان عملية استنباط تقوم على سبر غور العلـم، تحتاج إلى أدوات للسبر. وان دعوة الأمة لفقه الاستنباط آنذاك تستهدف إيجاد أنفار من كل قبيلة يمتلكون ملكة الفقه عبر امتلاكهم أدوات منهجية لاستنباط غائر العلـم، وهو ما يؤهلهم لقيادة أوساطهم: «يرفع الله بهذا القرآن والعلـم بتأويله،...، أقواما يجعلهم في الخير قادة، أئمة، تقتص آثارهم، وترمق أعمالهم، وتقتدي بفعالهم»، فتمثل تلك القيادات الصاعدة الدين الجديد، في قبائلها، فتوكل إليها أمر إدارة تلك القطاعات البشرية بما ينسجم مع التعاليم والبصائر الـمستنبطة من الكتاب.
وهو ما من شأنه، أن ينطوي على سحب البساط، مع تقدم الزمن، من تحت الزعامات القبلية الـمنتخبة استنادا إلى الـمعايير الجاهلية: الحسب، الثروة، القوة. تدل على ذلك الأحاديث الـمتضافرة التي مجدت الـمتفقهين، ورفعت من شأنهم، كما تدل على ذلك إجراءات وتدابير الدولة الإسلامية
size=7](*) التي منحتهم مناصب الإقراء، والقضاء، وحملتهم رآيات وألوية الجيوش، واعتبرت الولاء والتوقير والطاعة لهم هو ولاء وتوقيرا وطاعة لله، وفرضت لهم العطاء الجزيل، إذ أصدر الرسول قراره إلى خازن بيت الـمال، بأن يعطي حامل كتاب الله كل سنة مائتين دينار، وهو عطاء جزيل في حينه، يتناسب مع ما يشغله الحملة من مراكز قيادية في تركيبة الأمة. كما أجرى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) التبديلات في الـمواقع القيادية بناء على قاعدة: «القرآن مقدم»، فقدم الأكثر أخذا للقرآن على من دونه، وكان يراجع هذه التركيبة مستندا لهذه القاعدة، ففي الخبر: «كانت راية بني مالك بن النجار يوم تبوك مع عمارة بن حزم، فأخذها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، ودفعها إلى زيد بن ثابت، فقال عمارة: يا رسول الله بلغك عني شيء؟! قال: لا! ولكن القرآن مقدّم، وزيد أكثر أخذا للقرآن منك». مما حفز الجميع على أن يضطرد تطوير أخذهم للقرآن والعمل به من اجل أن يكونوا مقدمين من جهة، وخشية من أن يطالهم التبديل من جهة أخرى، عندما يسبقهم من دونهم، كالذي جرى مع عمار بن حزم عندما سبقه زيد فنحاه عن موقعه القيادي.
وعند دفن شهداء الـمعارك أوصى الرسول بتقديم قبور القراء وحملة القرآن على من سواهم، محافظة على تكريمهم، حتى عند الـموت، إذ القرآن مقدم، وهذا نص توصيته (صلى الله عليه وآله وسلم) في دفن شهداء غزوة أُحد: «... انظروا أكثرهم جمعا للقرآن فاجعلوه أمام صاحبه في القبر» ..
الأثر الثالث الذي يصادفه الباحث، أن القرآن يصف نفسه في أكثر من موقع بالـمفصل: (وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا)114/6، وهذه الفكرة تنقض مقولة أخرى من ثوابت الفهم الـمتأخر تصف الكتاب الكريم بالـمجمل. ولذلك تربط فهم الكثير من مجملاته بأحاديث السنة النبوية، التي ترى إنها ترتبط بعلاقة تفصيلية بالكتاب، وهذا الفهم لدى العقلية الـمتأخرة نجده يتكلف في تأويله الآيات التي تصف علـم الكتاب بالشامل: (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للـمسلـمين)89/16، عندما يحاول، ذلك الفهم، صرف الأحاديث عن دلالاتها الصريحة في شمول علـم الكتاب لكل شيء على الإطلاق، باعتبار ذلك الإطلاق يوقع العقلية الـمتأخرة في إشكال عويص فحواه: كيف يكون في القرآن تبيان كل شيء؟! حيث يتطلب منها الإثبات، وعجزها عن إثبات وعقلنة هذه الصفة لتكون قابلة للتصور والتعقل، يسقطها في التهافت، ويفقدها صفتها العلـمية ويلقي الشك في مشروعية وضعها، بوصمها بالجهالة عندما يعجزها عن الإثبات. رغم ادعاء البعض منهم أن القرآن كذلك-أي فيه تبيان كل شيء- ولكن يحصر قابلية إدراكه بهذه الصفة الـمستغرقة في البيان في الرسول وأوصياء البيت النبوي، فيلقي تبعات الإثبات عن كاهله، عندما يقصر ذلك على الصف الأول من رجال الوحي فحسب...
ويجد الباحث الـمخرج من هذا الـمأزق في ظاهر القرآن الذي علّق تفصيل الكتاب بعمليات فكرية تتطلب علـما مفتاحيا ينظم إجرائياتها، عرفه بعلـم التأويل فقال تعالى: (ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علـم هدى ورحمة لقوم يؤمنون، هل ينظرون إلا تأويله)52-53/7، أي فصلناه بواسطة علـم ... ، فعلقت الآية النظرة الفكرية الـمتوخية تفصيل الكتاب على علـم التأويل، فالتفصيل مرهون بتوسط علـم التأويل بين الفكر والكتاب، من أجل أن تتظاهر للإدراك صفة التفصيل فعلا. وتبرز إلى حيز الواقع حقا، لتكون قابلة للتصور وتقع حيز التعقل ..
ثم يصادق على هذا العلـم الكتاب بصورة لا تقبل الشك، عندما يُعلَّق العلـم بالكتاب على تأويله في صريح قوله تعالى: (وما يعلـم تأويله إلا الله والراسخون في العلـم)7/3، بل وأطلق على العالـمين بالتأويل مصطلح الراسخين في العلـم، وهم ذاتهم الراسخون الـموجودون في مجال الرسالات الكتابية الأخرى، كما صرح بذلك خطاب الكتاب في قوله تعالى: (لكن الراسخون في العلـم منهم والـمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك)162/4، وهذا يفند القناعة التي سادت عند الـمتأخرين، والتي تقول: إن الراسخين في العلـم الذين يعلـمون تأويله هم الأوصياء من أهل البيت فحسب، استنادا لبعض الأحاديث التي فيها يصف الأئمة أنفسهم بالرسوخ، رغم أن الوصف في تلك الأحاديث لـم يفد الحصر(
وعند دفن شهداء الـمعارك أوصى الرسول بتقديم قبور القراء وحملة القرآن على من سواهم، محافظة على تكريمهم، حتى عند الـموت، إذ القرآن مقدم، وهذا نص توصيته (صلى الله عليه وآله وسلم) في دفن شهداء غزوة أُحد: «... انظروا أكثرهم جمعا للقرآن فاجعلوه أمام صاحبه في القبر» ..
الأثر الثالث الذي يصادفه الباحث، أن القرآن يصف نفسه في أكثر من موقع بالـمفصل: (وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا)114/6، وهذه الفكرة تنقض مقولة أخرى من ثوابت الفهم الـمتأخر تصف الكتاب الكريم بالـمجمل. ولذلك تربط فهم الكثير من مجملاته بأحاديث السنة النبوية، التي ترى إنها ترتبط بعلاقة تفصيلية بالكتاب، وهذا الفهم لدى العقلية الـمتأخرة نجده يتكلف في تأويله الآيات التي تصف علـم الكتاب بالشامل: (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للـمسلـمين)89/16، عندما يحاول، ذلك الفهم، صرف الأحاديث عن دلالاتها الصريحة في شمول علـم الكتاب لكل شيء على الإطلاق، باعتبار ذلك الإطلاق يوقع العقلية الـمتأخرة في إشكال عويص فحواه: كيف يكون في القرآن تبيان كل شيء؟! حيث يتطلب منها الإثبات، وعجزها عن إثبات وعقلنة هذه الصفة لتكون قابلة للتصور والتعقل، يسقطها في التهافت، ويفقدها صفتها العلـمية ويلقي الشك في مشروعية وضعها، بوصمها بالجهالة عندما يعجزها عن الإثبات. رغم ادعاء البعض منهم أن القرآن كذلك-أي فيه تبيان كل شيء- ولكن يحصر قابلية إدراكه بهذه الصفة الـمستغرقة في البيان في الرسول وأوصياء البيت النبوي، فيلقي تبعات الإثبات عن كاهله، عندما يقصر ذلك على الصف الأول من رجال الوحي فحسب...
ويجد الباحث الـمخرج من هذا الـمأزق في ظاهر القرآن الذي علّق تفصيل الكتاب بعمليات فكرية تتطلب علـما مفتاحيا ينظم إجرائياتها، عرفه بعلـم التأويل فقال تعالى: (ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علـم هدى ورحمة لقوم يؤمنون، هل ينظرون إلا تأويله)52-53/7، أي فصلناه بواسطة علـم ... ، فعلقت الآية النظرة الفكرية الـمتوخية تفصيل الكتاب على علـم التأويل، فالتفصيل مرهون بتوسط علـم التأويل بين الفكر والكتاب، من أجل أن تتظاهر للإدراك صفة التفصيل فعلا. وتبرز إلى حيز الواقع حقا، لتكون قابلة للتصور وتقع حيز التعقل ..
ثم يصادق على هذا العلـم الكتاب بصورة لا تقبل الشك، عندما يُعلَّق العلـم بالكتاب على تأويله في صريح قوله تعالى: (وما يعلـم تأويله إلا الله والراسخون في العلـم)7/3، بل وأطلق على العالـمين بالتأويل مصطلح الراسخين في العلـم، وهم ذاتهم الراسخون الـموجودون في مجال الرسالات الكتابية الأخرى، كما صرح بذلك خطاب الكتاب في قوله تعالى: (لكن الراسخون في العلـم منهم والـمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك)162/4، وهذا يفند القناعة التي سادت عند الـمتأخرين، والتي تقول: إن الراسخين في العلـم الذين يعلـمون تأويله هم الأوصياء من أهل البيت فحسب، استنادا لبعض الأحاديث التي فيها يصف الأئمة أنفسهم بالرسوخ، رغم أن الوصف في تلك الأحاديث لـم يفد الحصر(*).
يضاف إلى ذلك، أن هذه الآية تصف الـمعاصرين للرسول من أهل الكتاب بالرسوخ في العلـم، أي يعلـمون تأويل الكتب السماوية، التوراة والإنجيل والقرآن، فإذا كان علـم التأويل ممارسه متأتية لعلـماء أهل الكتاب، الذين يعدون خبراء في علـم التأويل، بحيث تطال خبرتهم القرآن فيمكن لهم أن يمتحنوا حقيقته، بشهادة القرآن، التي أوضح أن الخبرة هي التي دعتهم إلى الإيمان بما انزل على محمد، كما دعتهم إلى الإيمان بما انزل من قبل، فمن الـمحال جعله ممتنعا على علـماء الـمسلـمين، إذ كيف يكون علـماء أهل الكتاب آنذاك راسخين ومطالبين بالنظر في الكتاب واختبار مصداقيته، بينما يمتنع الرسوخ على علـماء القرآن من الـمسلـمين؟! وهذا أبلغ دليل قرآني يفند هذه القناعة الكارثية، التي جردت فقهاء صدر الإسلام من علـم التأويل وقصرته على البيت النبوي، دون سواهم، بحيث أصبح الـمشهد لا يفقه علـم تأويل القرآن إلا العلـماء الكتابيون الراسخين في علـم التأويل والرسول والإمام الوصي من البيت النبوي!!. وهو التصور الذي يثبت تهافت هذه القناعة!
ومن الشواهد الناقضة لفكرة حصر علـم التأويل في فئة، دعاء الرسول لابن عباس: «اللَّهُمَّ فقهه في الدين وعلـمه التأويل»، فنجد أن الدعاء يعرف الفقه بأنه الإلـمام بعلـم التأويل. فتفقه ابن عباس عندما تلقى علـم التأويل على يد الإمام علي(ع)، بدليل قوله: «وعلـمي من علـم علي (ع)»، وكان ينقل عنه تلامذته القول: «أنا من الراسخين في العلـم، وأنا ممن يعلـم تأويله». وهو الوصف الذي ينطبق على باقي فقهاء الإسلام الذين اشتهروا باسم القراء، فقيل: قرّاء الـمدينة، قرّاء الكوفة، قرّاء البصرة، قرّاء حمص، قراء حلب، يعزز كل ذلك حديث الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم): «ما أنعم الله على عبد بنعمة أفضل بعد الإيمان بالله من العلـم بالكتاب ومعرفة تأويله». فكان القرّاء راسخون في علـم تأويل الكتاب، ويمارسون دور الدراسة والتدريس له ...
يضاف إلى تلك الشواهد الناقضة لفكرة احتكار علـم التأويل، قول الإمام الصادق(ع): «لو قد قرئ القرآن كما أنزل [أنزل القرآن على سبعة وجوه] لألفيتنا فيه مسمين كما سمي من قبلنا»، فالحديث يوضح أن الإمكانية متاحة للناس كي يقرؤوا القرآن بواسطة التأويل ذلك العلـم الـمنهجي الذي يفصل الكتاب على سبعة وجوه، ليطلعهم على أسماء أئمة الـمسلـمين، من أهل البيت النبوي، كما أطلعهم ظاهر الكتاب على أسماء أئمة الأقوام الغابرة من الأنبياء والنقباء. مما يعبر عن كون ذلك العلـم متاحا للجميع، ولا يمكن أن يحتكر من قبل فئة أو تقصر الإحاطة به على مجموعة من الأمة كما يزعم البعض.
وبناء على ذلك، يكون تصحيح الفكرة التقليدية الـموروثة بالأخذ بالرؤية، وليدة النصوص التي ترى أن الأئمة من أهل البيت أفضل الراسخين في الأمة، الذين توارثوا العلـم كابر عن كابر، فكان اللاحق منهم مؤهلا لشغل الـمقام الـمرجعي للراحل، حيث اتصف علـمهم بالكمال، فلـم يعجزهم عن الإجابة عن أي سؤال أو شبهة تلقى إليهم. وهذا أمر طبيعي أذ لا يمكن تصور عصمة حركة الأمة مع خلوها ممن يعلـم كامل تأويل الكتاب، وهو ما ينص عليه الخبر عن بريد بن معاوية قال: قلت لأبي جعفر (ع) قول الله: «(وما يَعْلَـمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْـمِ) قال: يعني تأويل القرآن كله إلا الله والراسخون في العلـم، فرسول الله أفضل الراسخين، قد علـمه الله جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل، وما كان الله منزلا عليه شيئا لـم يعلـمه تأويله. وأوصياؤه من بعده يعلـمونه كله، فقال الذين لا يعلـمون ما نقول إذا لـم نعلـم تأويله فأجابهم الله: (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) والقرآن له خاص وعام، وناسخ ومنسوخ، ومحكم ومتشابه، فالراسخون في العلـم يعلـمونه». فالرسول والبيت النبوي يعلـمون التأويل كله، بمعنى أنهم لا يعجزهم ما يسألون عنه، بينما يرجع إليهم من سواهم من راسخي الأمة وفقهاءها وقراءها، عندما يستعصي التشابه عليهم، أي عندما يعجزهم تأويل آية هنا أو آية هناك، فيتعلـمون منهم ويزدادون رسوخا.
وبذلك صار من سوى الإمام يصدر عنهم القول: (آمنا به كل من عند ربنا)، ولكن لا يمكن ان يقول الـمرجع الأعلى ذلك. وهذا ما يؤكده الخبر عن الإمام علي (ع) : «إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول ليس من القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن، وما من حرف إلا وله تأويل، (وما يَعْلَـمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْـمِ) نحن آل محمد وأمر الله سائر الأمة أن يقولوا: (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) وأن يسلـموا إلينا ويردوا الأمر إلينا، وقد قال الله: (ولَوْ رَدُّوهُ إلى الرَّسُولِ والى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِـمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) هم الذين يسألون عنه ويطلبونه، ولعمري لو أن الناس حين قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سلـموا لنا واتبعونا وقلدونا أمورهم (لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ ومِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ)». وتشابه الـمقطع (ويردوا الأمر إلينا)، يحكمه قول الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم): «اقرؤوا القرآن واعملوا به وما تشابه عليكم ردوه إلى أهله يخبروكم»، أي أن العلـم بالتأويل شائع، وعلى أفراد الأمة أن يؤولون القرآن برد الـمتشابهات إلى الـمحكمات فتنسخ التشابه وتعمل برؤى الكتاب، وهو الواقع الاجتماعي الذي وصّفه الإمام علي: «قد أمكن الكتاب من زمامه فهو قائده وإمامه يحل حيث حل ثقله وينزل حيث كان منزله»، وعندما تتشابه على ذلك الفرد الآيات في بعض الـموارد دون امتلاكه القدرة على إحكامها، عندئذ يرد ذلك إلى الإمام، الذي يعرف بـ «الذي لا شبهة عنده»، وكل من هو أعلـم من الذي تشابه عليه الأمر يعد إماما له، بدليل قوله تعالى: (وفوق كل ذي علـم عليم)76/12. فهناك هرم من الراسخين يتبوأ قمته الرسول أفضل الراسخين في العلـم ومن ثم خليفته، ثم الأمثل فالأمثل، وهو ما يعبر عنه الرسول بالقول: «رب حامل فقه ليس بفقيه» «رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه»، فهناك درجات فيها الفقيه والأفقه منه وبينهما درجات، ويكون شاغل القمة هو أفقه الجميع.
فلا يترتب على ذلك احتكار الرسوخ في شاغل القمة وخليفته، بل الرسوخ في علـم التأويل أمكان متاح للجميع، وما الرسول أو نائبه إلا الـمرجعية العليا لراسخي الأمة، باعتبارهم ارسخ من علـم هذا العلـم وأفضل من عمل به. وللـمقارنة بين رسوخ فقهاء الأمة ورسوخ إمام البيت النبوي، ما ينقله ابن عباس - الذي عرف نفسه بانه أحد الراسخين في العلـم- عندما قارن رسوخه ومن سواه من الصحابة برسوخ الإمام علي(ع)، فقال: «علي (ع) عُلـم علـماً علـمّه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، ورسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) علّمه الله، فعلـم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من علـم الله، جل جلاله، وعلـم علي من علـم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعلـمي من علـم علي (ع)، وما علـمي وعلـم أصحاب محمد في علـم علي (ع) إلا كقطرة في سبعة أبحر».
إن فكرة احتكار علـم التأويل والكتاب نتجت عن عقدة أرد متأخرو الشيعة منها تبرير واقعهم، والتماس الأعذار له، بقصر الرسوخ على أهل البيت، وبذلك يعللون استحكام قطيعتهم بالكتاب، واتصاف علـمهم بالرواية دون دراية، مما تسبب باستيراد الأفكار الـمنهجية التي تشرع الرأي، الذي حذر الرسول وأئمة البيت النبوي من العمل به، واعتبروه ضلالة تضاهي ضلالة إبليس.





يضاف إلى ذلك، أن هذه الآية تصف الـمعاصرين للرسول من أهل الكتاب بالرسوخ في العلـم، أي يعلـمون تأويل الكتب السماوية، التوراة والإنجيل والقرآن، فإذا كان علـم التأويل ممارسه متأتية لعلـماء أهل الكتاب، الذين يعدون خبراء في علـم التأويل، بحيث تطال خبرتهم القرآن فيمكن لهم أن يمتحنوا حقيقته، بشهادة القرآن، التي أوضح أن الخبرة هي التي دعتهم إلى الإيمان بما انزل على محمد، كما دعتهم إلى الإيمان بما انزل من قبل، فمن الـمحال جعله ممتنعا على علـماء الـمسلـمين، إذ كيف يكون علـماء أهل الكتاب آنذاك راسخين ومطالبين بالنظر في الكتاب واختبار مصداقيته، بينما يمتنع الرسوخ على علـماء القرآن من الـمسلـمين؟! وهذا أبلغ دليل قرآني يفند هذه القناعة الكارثية، التي جردت فقهاء صدر الإسلام من علـم التأويل وقصرته على البيت النبوي، دون سواهم، بحيث أصبح الـمشهد لا يفقه علـم تأويل القرآن إلا العلـماء الكتابيون الراسخين في علـم التأويل والرسول والإمام الوصي من البيت النبوي!!. وهو التصور الذي يثبت تهافت هذه القناعة!
ومن الشواهد الناقضة لفكرة حصر علـم التأويل في فئة، دعاء الرسول لابن عباس: «اللَّهُمَّ فقهه في الدين وعلـمه التأويل»، فنجد أن الدعاء يعرف الفقه بأنه الإلـمام بعلـم التأويل. فتفقه ابن عباس عندما تلقى علـم التأويل على يد الإمام علي(ع)، بدليل قوله: «وعلـمي من علـم علي (ع)»، وكان ينقل عنه تلامذته القول: «أنا من الراسخين في العلـم، وأنا ممن يعلـم تأويله». وهو الوصف الذي ينطبق على باقي فقهاء الإسلام الذين اشتهروا باسم القراء، فقيل: قرّاء الـمدينة، قرّاء الكوفة، قرّاء البصرة، قرّاء حمص، قراء حلب، يعزز كل ذلك حديث الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم): «ما أنعم الله على عبد بنعمة أفضل بعد الإيمان بالله من العلـم بالكتاب ومعرفة تأويله». فكان القرّاء راسخون في علـم تأويل الكتاب، ويمارسون دور الدراسة والتدريس له ...
يضاف إلى تلك الشواهد الناقضة لفكرة احتكار علـم التأويل، قول الإمام الصادق(ع): «لو قد قرئ القرآن كما أنزل [أنزل القرآن على سبعة وجوه] لألفيتنا فيه مسمين كما سمي من قبلنا»، فالحديث يوضح أن الإمكانية متاحة للناس كي يقرؤوا القرآن بواسطة التأويل ذلك العلـم الـمنهجي الذي يفصل الكتاب على سبعة وجوه، ليطلعهم على أسماء أئمة الـمسلـمين، من أهل البيت النبوي، كما أطلعهم ظاهر الكتاب على أسماء أئمة الأقوام الغابرة من الأنبياء والنقباء. مما يعبر عن كون ذلك العلـم متاحا للجميع، ولا يمكن أن يحتكر من قبل فئة أو تقصر الإحاطة به على مجموعة من الأمة كما يزعم البعض.
وبناء على ذلك، يكون تصحيح الفكرة التقليدية الـموروثة بالأخذ بالرؤية، وليدة النصوص التي ترى أن الأئمة من أهل البيت أفضل الراسخين في الأمة، الذين توارثوا العلـم كابر عن كابر، فكان اللاحق منهم مؤهلا لشغل الـمقام الـمرجعي للراحل، حيث اتصف علـمهم بالكمال، فلـم يعجزهم عن الإجابة عن أي سؤال أو شبهة تلقى إليهم. وهذا أمر طبيعي أذ لا يمكن تصور عصمة حركة الأمة مع خلوها ممن يعلـم كامل تأويل الكتاب، وهو ما ينص عليه الخبر عن بريد بن معاوية قال: قلت لأبي جعفر (ع) قول الله: «(وما يَعْلَـمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْـمِ) قال: يعني تأويل القرآن كله إلا الله والراسخون في العلـم، فرسول الله أفضل الراسخين، قد علـمه الله جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل، وما كان الله منزلا عليه شيئا لـم يعلـمه تأويله. وأوصياؤه من بعده يعلـمونه كله، فقال الذين لا يعلـمون ما نقول إذا لـم نعلـم تأويله فأجابهم الله: (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) والقرآن له خاص وعام، وناسخ ومنسوخ، ومحكم ومتشابه، فالراسخون في العلـم يعلـمونه». فالرسول والبيت النبوي يعلـمون التأويل كله، بمعنى أنهم لا يعجزهم ما يسألون عنه، بينما يرجع إليهم من سواهم من راسخي الأمة وفقهاءها وقراءها، عندما يستعصي التشابه عليهم، أي عندما يعجزهم تأويل آية هنا أو آية هناك، فيتعلـمون منهم ويزدادون رسوخا.
وبذلك صار من سوى الإمام يصدر عنهم القول: (آمنا به كل من عند ربنا)، ولكن لا يمكن ان يقول الـمرجع الأعلى ذلك. وهذا ما يؤكده الخبر عن الإمام علي (ع) : «إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول ليس من القرآن آية إلا ولها ظهر وبطن، وما من حرف إلا وله تأويل، (وما يَعْلَـمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْـمِ) نحن آل محمد وأمر الله سائر الأمة أن يقولوا: (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ) وأن يسلـموا إلينا ويردوا الأمر إلينا، وقد قال الله: (ولَوْ رَدُّوهُ إلى الرَّسُولِ والى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِـمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) هم الذين يسألون عنه ويطلبونه، ولعمري لو أن الناس حين قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سلـموا لنا واتبعونا وقلدونا أمورهم (لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ ومِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ)». وتشابه الـمقطع (ويردوا الأمر إلينا)، يحكمه قول الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم): «اقرؤوا القرآن واعملوا به وما تشابه عليكم ردوه إلى أهله يخبروكم»، أي أن العلـم بالتأويل شائع، وعلى أفراد الأمة أن يؤولون القرآن برد الـمتشابهات إلى الـمحكمات فتنسخ التشابه وتعمل برؤى الكتاب، وهو الواقع الاجتماعي الذي وصّفه الإمام علي: «قد أمكن الكتاب من زمامه فهو قائده وإمامه يحل حيث حل ثقله وينزل حيث كان منزله»، وعندما تتشابه على ذلك الفرد الآيات في بعض الـموارد دون امتلاكه القدرة على إحكامها، عندئذ يرد ذلك إلى الإمام، الذي يعرف بـ «الذي لا شبهة عنده»، وكل من هو أعلـم من الذي تشابه عليه الأمر يعد إماما له، بدليل قوله تعالى: (وفوق كل ذي علـم عليم)76/12. فهناك هرم من الراسخين يتبوأ قمته الرسول أفضل الراسخين في العلـم ومن ثم خليفته، ثم الأمثل فالأمثل، وهو ما يعبر عنه الرسول بالقول: «رب حامل فقه ليس بفقيه» «رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه»، فهناك درجات فيها الفقيه والأفقه منه وبينهما درجات، ويكون شاغل القمة هو أفقه الجميع.
فلا يترتب على ذلك احتكار الرسوخ في شاغل القمة وخليفته، بل الرسوخ في علـم التأويل أمكان متاح للجميع، وما الرسول أو نائبه إلا الـمرجعية العليا لراسخي الأمة، باعتبارهم ارسخ من علـم هذا العلـم وأفضل من عمل به. وللـمقارنة بين رسوخ فقهاء الأمة ورسوخ إمام البيت النبوي، ما ينقله ابن عباس - الذي عرف نفسه بانه أحد الراسخين في العلـم- عندما قارن رسوخه ومن سواه من الصحابة برسوخ الإمام علي(ع)، فقال: «علي (ع) عُلـم علـماً علـمّه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، ورسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) علّمه الله، فعلـم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من علـم الله، جل جلاله، وعلـم علي من علـم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعلـمي من علـم علي (ع)، وما علـمي وعلـم أصحاب محمد في علـم علي (ع) إلا كقطرة في سبعة أبحر».
إن فكرة احتكار علـم التأويل والكتاب نتجت عن عقدة أرد متأخرو الشيعة منها تبرير واقعهم، والتماس الأعذار له، بقصر الرسوخ على أهل البيت، وبذلك يعللون استحكام قطيعتهم بالكتاب، واتصاف علـمهم بالرواية دون دراية، مما تسبب باستيراد الأفكار الـمنهجية التي تشرع الرأي، الذي حذر الرسول وأئمة البيت النبوي من العمل به، واعتبروه ضلالة تضاهي ضلالة إبليس.



([]*) رَوَى عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) أَنَّهُ قَالَ: (أَشْرَافُ أُمَّتِي حَمَلَةُ الْقُرْآنِ وَأَصْحَابُ اللَّيْلِ) (من ‏لا يحضره ‏الفقيه: 4/399)، (الهندي، كنز العمال، خ(2259، (أهل القرآن أهل الله وخاصته)(الهندي، كنز العمال، خ(2294، (حَمَلَةُ الْقُرْآنِ فِي الدُّنْيَا عُرَفَاءُ أهل الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (وسائل ‏الشيعة: 1/169)، قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم): (حَمَلَةُ الْقُرْآنِ عُرَفَاءُ أهل الْجَنَّةِ وَالْـمُجْتَهِدُونَ، قُوَّادُ أهل الْجَنَّةَ، وَالرُّسُلُ سَادَةُ أهل الْجَنَّةَ) (الكليني، الكافي: 2/606). ،عَنِ النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) قَالَ: (حَمَلَةُ الْقُرْآنِ الْـمَخْصُوصُونَ بِرَحْمَةِ اللهِ، الْـمُلَبَّسُونَ نُورَ اللهِ، الْـمُعَلَّمُونَ كَلَامَ اللهِ، الْـمُقَرَّبُونَ عِنْدَ اللهِ، مَنْ وَالَاهُمْ فَقَدْ وَالى اللهَ، وَمَنْ عَادَاهُمْ فَقَدْ عَادَى اللهَ) (وسائل ‏الشيعة:4/175)، (حملة القرآن أولياء الله فمن عاداهم عادى الله ومن والاهم فقد والى الله) (الهندي، كنز العمال، خ(2295، (يرفع الله بهذا القرآن والعلـم بتأويله، وموالاتنا أهل البيت والتبرؤ من أعدائنا أقواما يجعلهم في الخير قادة، أئمة في الخير تقتص آثارهم، وترمق أعمالهم، وتقتدي بفعالهم، وترغب الـملائكة في خلّتهم، وتمسحهم بأجنحتها في صلاتهم، ويستغفر لهم كل رطب ويابس، حتى حيتان البحر وهوامّه، وسباع البر وأنعامه، والسماء ونجومها) (الـمجلسي، بحار الأنوار، 1/171).



(*) من جملة تلك الأحاديث قول أَبُي عَبْدِ اللهِ الإمام الصادق(ع): (نَحْنُ قَوْمٌ فَرَضَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ طَاعَتَنَا لَنَا الآنفالُ وَلَنَا صَفْوُ الْـمَالِ وَنَحْنُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْـمِ وَنَحْنُ الْـمَحْسُودُونَ الَّذِينَ قَالَ اللهُ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) (الكافي: 1/186). عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الإمام الصادق(ع) قَالَ: (نَحْنُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْـمِ وَنَحْنُ نَعْلَـمُ تَأْوِيلَهُ) (الكافي: 1/213) . عَنْ أَحَدِهِمَا (ع) فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَما يَعْلَـمُ تَأْوِيلَهُ إلا اللهُ والرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْـمِ ) فَرَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) أَفْضَلُ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْـمِ قَدْ عَلَّمَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ جَمِيعَ مَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ مِنَ التَّنْزِيلِ والتَّأْوِيلِ، ومَا كَانَ اللهُ لِيُنْزِلَ عَلَيْهِ شَيْئاً لَـمْ يُعَلِّمْهُ تَأْوِيلَهُ وأَوْصِيَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ يَعْلَـمُونَهُ كُلَّهُ، والَّذِينَ لَا يَعْلَـمُونَ تَأْوِيلَهُ إذا قَالَ الْعَالِـمُ فِيهِمْ بِعِلْـمٍ فَأَجَابَهُمُ اللهُ بِقَوْلِهِ: (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) والْقُرْآنُ خَاصٌّ وعَامٌّ، ومُحْكَمٌ ومُتَشَابِهٌ، ونَاسِخٌ ومَنْسُوخٌ، فَالرَّاسِخُونُ فِي الْعِلْـمِ يَعْلَـمُونَهُ (الكافي: 1/213). فكما هو واضح ليس في دلالة هذه الأحاديث ما يقصر صفة الرسوخ على الرسول وأهل البيت، دون سواهم، بل يصرح الحديث أنهم أفضل الراسخين، فهم الأفضل رسوخا وذلك غير الزعم بان الرسوخ محدد فيهم، أو مقصور عليهم، أو من مختصاتهم دون سواهم [



عدل سابقا من قبل منتظرالفرج في الثلاثاء 16 مارس 2021, 2:46 am عدل 3 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/abokwther118
سلام الله




عدد المساهمات : 2
تاريخ التسجيل : 03/11/2010
العمر : 77
الموقع : othman- m@scs-net.org

علم التاويل الدرس الاول Empty
مُساهمةموضوع: رد: علم التاويل الدرس الاول   علم التاويل الدرس الاول Icon_minitime1الأربعاء 08 ديسمبر 2010, 1:15 am

مشكور اخي الكريم " ابو كوثر " على التوضيح ، وسنابع معكم بخصوص التأويل الى نهاية الموضوع عسى ان نجد ضالتنا فيه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
علم التاويل الدرس الاول
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الدرس الثاني في التاويل
» الدرس الرابع في التاويل
» الدرس الثالث عشر
» الدرس التاسع
» الدرس الثامن

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
علم الحروف والجفر والزايرجة :: علم التاويل في القران والحديث-
انتقل الى: