بسم الله الرجمن الرحيم اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجّل فرجهم أَلْحَمْدُ للهِِ الَّذي نَوَّرَ قُلُوبَ الْعارِفينَ بِذِكْرِهِ ، وَقَدَّسَ أَرْواحَهُمْ بِسِرِّهِ وَبِرِّهِ ، وَطَهَّرَ أَفْئِدَتَهُمْ لِفِكْرِهِ ، وَشَرَحَ صُدُورَهُمْ بِنُورِهِ ، وَأَنْطَقَهُمْ بَيانَهُ ، وَشَغَلَهُمْ بِخِدْمَتِهِ ، وَوَفَّقَهُمْ لِعِبادَتِهِ ، وَاسْتَعْبَدَهُمْ بِالْعِبادَةِ عَلى مُشاهِدَتِهِ ، وَدَعاهُمْ إِلى رَحْمَتِهِ ، وَصَلَّى اللهُ عَلى مُحَمَّد إِمامِ الْمُتَّقينَ ، وَقائِدِ الْمُوَحِّدينَ ، وَمُونِسِ الْمُقَرَّبينَ وَعَلى آلِهِ الْمُنْتَخَبينَ . قالَ الصَّادِقُ(عليه السلام): نَجْوَىَ الْعارِفينَ تَدورُ عَلى ثَلاثَةِ أُصُول: الخَوْفُ وَالرَّجاءُ وَالحُبُّ. فَالْخَوْفُ فَرْعُ الْعِلْمِ ، وَالرّجاءُ فَرْعُ اليَقينِ ، وَالْحُبُّ فَرْعُ الْمَعْرِفَةِ . فَدَليلُ الْخَوفِ الهَرَبُ ، وَدَليلُ الرَجاءَ الطَّلَبُ ، وَدَليلُ الحُبّ إيثارُ الْمَحْبُوبِ عَلى ما سِواهُ . فَإِذا تَحَقَّقَ الْعِلمُ في الصَّدْرِ خافَ ، وَإِذا صَحّ الخَوفُ هَرَبَ ، وَإِذا هَرَبَ نَج ، وَإِذا أَشْرَقَ نُورُ اليَقينِ في الْقَلْبِ شاهَدَ الفَضْلَ وَإِذا تَمَكّنَ مِنْهُ رَج ، وَإِذا وَفِقَ لِلْطَّلَبِ وَجَدَ ، وَإِذا تَجَلّى ضِياءُ الْمَعْرِفَةِ في النُّؤادِ هاجَ ريحُ الْمَحَبَّةِ ، وَإِذا هَاجَ ريحُ الْمَحَبَّةِ إِسْتأْنَسَ في ظِلالِ الْمَحْبُوبِ وَآثَرَ الْمَحبُوبَ عَلى ما سِواهُ ، وَباشَرَ أَوامِرَهُ وَاجْتَنَبَ نَواهِيهِ . وَإِذا اسْتَقامَ عَلى بَساطِ الأُنْسِ بِالْمَحْبُوبِ مَعَ أَداءِ أَوامِرِهِ وَاجْتِنابِ نَواهِيهِ وَصَلَ إِلى رُوحِ الْمُناجاة . وَمِثالُ هذِهِ الأُصُولِ الثَّلاثَةِ كَالْحَرَمِ وَالْمَسْجِدِ وَالْكَعْبَةِ فَمَنْ دَخَلَ الْحَرَمَ آمِنَ مِنَ الْخَلْقِ ، وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدِ آمَنَتْ جَوارِحُه أَنْ يَسْتَعْمِلَها في الْمَعْصِيَةِ ، وَمَنْ دَخَلَ الْكَعْبَةِ أَمِنَ قَلْبُهُ مِنْ أَنْ يَشْغَلَهُ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللهِ . فَانْظُرْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُ ، فَإِنْ كانَتْ حَالَتُكَ حالةً تَرْضاها لِحُلُولِ الْمَوتِ فَاشْكُرِ اللهَ عَلى تَوْفيقِهِ وَعِصْمَتِهِ ; وَإِنْ تَكُنْ الأُخْرى فَانْتَقِلْ عَنْها بِصِحَّةِ العَزيمَةِ وَانْدَمْ عَلى ما سَلَفَ مِنْ عُمْرِكَ في الْغَفْلَةِ ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ عَلى تَطْهِيرِ الظّاهِرِ مِنَ الذُّنُوبِ ، وَتَنْظيفِ الْباطِنِ مِنَ الْعُيُوبِ، وَاقْطَعْ زِيادَةَ الْغَفْلَةِ مِنْ قَلْبِكَ وَاطْفِ نارَ الشَّهْوَةِ مِنْ نَفْسِكَ . من هذا الحديث الشريف عن الإمام المعصوم نستخلص أنّ أوصاف العارفين ثلاثة الخوف والرجاء والحب وسنتطرق بشيئ من التفصيل حول هذه الصفات الثلاثة إن شاء الله بشيئ من التفصيل حتى نُقرّب أنفسنا أكثر وأكثر نحو العشق العرفاني والتقرب إلى الله عزوجل ونزداد حباً للمعشوق وهو الرب الكريم نسأل الله التوفيق وحسن العاقبة .