بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف الخلق أجمعين سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا أبا القاسم محمد وآل بيته الطيبين الطاهرينموضوعنا اليوم هو علم
العرفان الباطل
قد يستغرب البعض لماذا أقول عن هذا العلم باطل ؟؟
ولعل البعض يستشكل
علينا بهذه العبارة تحديدا بقولنا عن بطلان علم العرفان
ولكن لا تستعجل حتى تعرف الأسباب لتحدد صحة حديثي من عدمه فكثير من الناس قد فهموا ان علم العرفان هو علم تحضير الأرواح
وبعضهم يظن انه علم معرفه المغيبات
وبعضهم يقول انه علم القوى وتسخير الجان للخدمة
وبعضهم يقول انه علم تحضير الملائكة واستنطاقهم
وبعضهم يقول ان علم العرفان هو علم الصيام الأربعيني عن كل ذي روح وما خرج من روح للحصول على خوارق الأمور
وبعضهم يقول ان علم العرفان هو تعلم اللغة السريانية التي ينسبونها للجان والملائكة لمصاحبتهم والاستفادة منهم
فاذا كان هذا هو مفهومكم لعلم العرفان فأعلم ان علم العرفان هذا علم باطل
فليس من حق احد منا تفسير هذا العلم على هواه
حتى أصبح الكثير من الناس كبارا وصغارا متعلمين وجهال وحتى بعض طلاب العلوم الدينية كذلك يقولون ان هذا العلم هو علم الصيام الأربعيني عن كل ذي روح وما خرج منها لاختراق الحجب ما بين العالم المادي وانسجامه مع عالم الأرواح للوصول للقوى الخارقة والمعلومات الغيبية المستقبلية
وسؤالنا هنا لكل صاحب عقل ... اذا كان ما كتبناه بالأعلى مفهومكم لعلم العرفان .. فما الفرق بين هذا العلم وعالم السحر والسحرة الذي يستعان بالجان فيه؟؟
يا صاحب العقل تمعن قليلا وانظر للأمور بعيون عقلك
فعلم العرفان يا سيدي هو علم معرفه الله تعالى وأسمائه وصفاته وتجلياته وهم العلم بحقائق الوجود من حيث رجوعها الى الله تعالى
علم العرفان يا سيدي هو علم معرفه الله سبحانه وتعالى من خلال السير الروحي المعنوي نحو الحق المطلق
علم العرفان ياسيدي هو علم معرفه الله سبحانه وتعالى من خلال السلوك الحسن والابتعاد عن كل قبيح وصولا الى المراحل والمنازل الكمالية وصولا بها الى درجات العشق الإلهي المطلق والفناء فيه
وكل ما ذكرت يا سيدي له عده مفاهيم وعده تفاسير
وسأوجز بعضها لنتعلم بعض حقائق هذا العلم من خلال تعريف مساراته وسيرة وسلوكه
لكي يحق لنا أن نتكلم عن العرفان الحقيقي العرفان السليم الخالي من شوائب ومتطلبات النفس والدنيا لابد لنا أن نستشهد بكلام أمير البلغاء وسيد العرفاء وإمام المتقين علي أمير المؤمنين عليه السلام فلقد تكلم عن العرفان على أنه علم معرفة الله وحبه والإخلاص له عن طريق الطاعة وحسن الخلق لا عن طريق الصوم لرؤية المغيبات أو استخدام الجن وغيره فتعالوا معي لنعرف الفرق بين علم العرفان الباطل وبين عرفان الحب والطاعة قال الإمام في نهج البلاغة:
(أول الدين معرفته وكمال معرفته التصديق به وكمال التصديق به توحيده وكمال توحيده الإخلاص له وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه )
شرح كلام الأمير عليه السلام يأخذ كتب لكننا نختصره في شرح مبسط لتعم الفائدة بإذن الله تعالى

يقول عليه السلام (أول الدين معرفته)
أي تكون بداية الطاعة معرفة الله تعالى
فمعرفة الله بالنسبة لنا تكون معرفة ناقصة وقد تكون تامة فالناقصة هي إدراك أن للعالم صانعا مدبرا



أما التامة فقال عنها الأمير عليه السلام ( وكمال معرفته التصديق به)
أي الإذعان بوجوده ووجوبه
والتصديق بالله يكون إما ناقص أو تام , فالناقص التصديق به مع تجويز الشريك له (طاعة الشيطان والشهوات)
وأما التام فهو ( وكمال التصديق به توحيده ) أي الحكم بوحدانيته , وأنه لا شريك له في ذاته
والتوحيد أيضا يكون ناقص إذا حكمنا بوحدانيته مع عدم الإخلاص له
ويكون تاماً (وكمال توحيده الإخلاص له) أي جعله خالصاً عن النقايص (والنقص ككونه جسماً أو عرضاً أو غيره)
والإخلاص الناقص يكون أن يجعله خالصاً عن صفات النقصان مع إثبات صفات الكمال
أما الإخلاص الكامل ( وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه ) والمقصود بنفي الصفات وهي الصفات التي وجودها غير وجود الذات وحاشا لله أن تستقل صفاته عن ذاته فعلمه وإرادته وقدرته وحياته وسمعه وبصره كلها موجودة بوجود ذاته الأحدية
هل لاحظتم الفرق؟؟
نأتي الآن إلى آثار علم العرفان الباطل وعلم العرفان الحقيقي :
فعلم العرفان الباطل له آثار ونتائج وهي
رؤية المغيبات , إستخدام الجن , تسخير الملائكة وأشياء كثيرة تمليها عليهم حب الدنيا
أما آثار علم العرفان الحقيقي هي :
الحب والعشق الإلهي , التجليات والمكاشفات , العلم الفيضي اللدني
سأتكلم بإختصار عن آثار معرفة الله :
الحب والعشق الإلهي:
له مراتب كثيرة يكتسبها العارف بالتدريج منها
المحبة,العلاقة,الهوى,الصبوة,الصبابة,الشغف,المقة,ال وجد,الكلف,التتيم,العشق,الجوى,الدنف ,الشجو, الشوق....الخ
التجليات والمكاشفات :
هناك من سيستشكل علينا بهذه النقطة وسيقول أنها مثل رؤية المغيبات عند العرفان الباطل ونرد عليه
بأن رؤية المغيبات تكون بالقوة يأخذها الانسان عن طريق إستخدام الجن أو تسخير الملائكة لأنه يكون عنده علم يسخر فيه الملائكة ليأخذ منها ما يريد ( مثل لوي اليد ) عندما تلوي يد إنسان آخر تجعله يقول ما تريد منه بالقوة
لكن التجليات والمشاهدات فتأتي عن طريق جهاد النفس وتربيتها والسير في خط صحيح وسليم لنيل رضا الله تعالى فيكافئ رب العالمين هذا المجاهد بأن يعطيه شيء يشجعه به على إكمال المسيرة إليه
(والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)
(فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد)

العلم اللدني أو الفيضي :
قال تعالى ( فوجدا عبداً من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما)
العلم اللدني هو :
ما يحصل للعبد من غير واسطة بل إلهام من الله تعالى وتعريف منه لعبده كما حصل للخضر عليه السلام
فهو علم حضوري مقوَِّم للعصمة وهو فيض إلهامي على القلب والروح يعاين به القلب الحقيقة أو آثارها عياناً وكل هذا بإرادة الله تعالى
هناك من سيستشكل علينا بهذه النقطة وسيقول أنها مثل رؤية المغيبات عند العرفان الباطل ونرد عليه
بأن رؤية المغيبات تكون بالقوة يأخذها الانسان عن طريق إستخدام الجن أو تسخير الملائكة لأنه يكون عنده علم يسخر فيه الملائكة ليأخذ منها ما يريد ( مثل لوي اليد ) عندما تلوي يد إنسان آخر تجعله يقول ما تريد منه بالقوة
لكن التجليات والمشاهدات فتأتي عن طريق جهاد النفس وتربيتها والسير في خط صحيح وسليم لنيل رضا الله تعالى فيكافئ رب العالمين هذا المجاهد بأن يعطيه شيء يشجعه به على إكمال المسيرة إليه
(والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين)
(فكشفنا عنك غطائك فبصرك اليوم حديد)
العلم اللدني أو الفيضي :
قال تعالى ( فوجدا عبداً من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما)
العلم اللدني هو :
ما يحصل للعبد من غير واسطة بل إلهام من الله تعالى وتعريف منه لعبده كما حصل للخضر عليه السلام
فهو علم حضوري مقوَِّم للعصمة وهو فيض إلهامي على القلب والروح يعاين به القلب الحقيقة أو آثارها عياناً وكل هذا بإرادة الله تعالى.
ولعلم العرفان أسفار وقد عرف المحقق الشيخ كمال الدين عبد الرزاق الكاشي قدس سره السفر فقال:
هو توجه القلب إلى الحق تعالى
والأسفار أربعة هي :
الأول : من الخلق إلى الحق
الثاني: بالحق في الحق
الثالث: من الحق إلى الخلق بالحق
الرابع: في الخلق بالحق
فالهدف من العرفان هو الوصول ومعرفة الله تبارك وتعالى
ولتعرف الله تبارك وتعالى لابد أن يكون عندك يقين تام بالله عز وجل وأن تحسن الظن به لأن الله تعالى يقول ( أنا عند حسن ظن عبدي بي إن خيرا فخير وإن شرا فشر)وأمير المؤمنين عليه السلام يبين لنا هذه النقطة في دعاء كميل فيقول
(فهبني يا سيدي ومولاي وربي صبرت على عذابك فكيف أصبر على فراقك ) ثم ينتقل لمقام أعلى في المعرفة وحسن الظن بالله فيقول
( وهبني صبرت على حر نارك فكيف أصبر عن النظر إلى كرامتك )ثم ينتقل لمقام أعلى فيقول
( أم كيف أسكن في النار ورجائي عفوك)هنا يبين لنا أمير المؤمنين عليه السلام مدى ثقته بالله عز وجل وبعفوه وأن الله لم يخلقنا ليسكننا النار ويعلمنا كيف ندعم ثقتنا بالله برجاء عفوه وطلب نيله وكرامته

م
منقول