بسم الله الرحمن الرحيم
ولكن بصرف النظر، عن الرؤية الإطارية الممهدة، الواردة في العناوين الانفة، وما اتصفت به من تعميم، ومن أجل البحث عن كثب في النصوص المتعلقة بالمنهج، بهدف تقديم رؤية مجهرية تتصف بالدقة العالية، نعقد هذا البحث الذي ينطلق من الاستفهام:
هل وجد في صدر الإسلام منهج للاستنباط من الكتاب والسنة، يتصف بالعلمية والانضباط، أسس مجالا فقهيا خرَّج الفقهاء الراسخين، وأنتج تراثا للفقه، أم لم يكن ثمة منهج استنباط من الكتاب والسنة(*)، مما يجعل كل ما يترتب على ذلك منتفيا لا موضوع له ؟!
سوف نقوم بتحري التراث المروي عن تلك الحقبة لنلاحظ آثار الحقل الفقهي الأول، التي تجلى في مرتكزات عملية استنباط الفتوى، والتي ألقاها الرسول على جموع المسلمين المتجمهرين حلقا حوله، وروتها الرواة من بعده، واعتمدها فقهاء أهل البيت بصورة تكررت على امتداد الزمن. وقد وجدنا ان تلك المرتكزات تتلخص في اربع: المحكم، المتشابه، الناسخ، المنسوخ، وهي الركائز التي تتمخض عنها آلية نسخية، تؤسس ما نصطلح عليه بالدائرة التأويلية. وقد شرطت تلك المدرسة للتعاطي مع الخطاب المعرفة بهذه الركائز، وما ينشأ عنها من آلية باعتبارها منهجا. فأوضحت كل محاولة استنباط تتجرد من التعاطي المنهجي المشار إليه، عارية عن الصحة وغير جديرة بالاعتبار، وعليه قام البرهان. وهذا استعراض لبعض الأحاديث الدالة على ذلك:
عن رسول الله (ص): ((من أفتى الناس بالمقاييس فقد هلك وأهلك، ومن أفتى الناس وهو لا يعرف الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك وأهلك)). يعلق الرسول في هذا الحديث الفتيا التي يشتغل بها الفقيه بالمعرفة بالركائز الأربعة.
ثم في حقبة ما بعد رحيل الرسول نجد الإمام علي يمر بقاض من قضاة الرأي، الذين تفشوا في تلك المرحلة، فيسأله عن معرفته بعلم الفتيا المتمثل في الأركان الأربعة، فيعرب القاض عن عدم إلمامه بها. مما دعا الإمام لأن ينذره بالهلاك، الذي أشار إليه الرسول(ص) في حديثه. حيث لا يمكن استنباط الفتيا ومعرفة وجوه الحكم في القضاء إلا استنادا إلى تلك الأركان، التي تمثل علم الفتيا والاستنباط. فعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ: ((أَنَّ عَلِيّاً (ع) مَرَّ عَلَى قَاضٍ فَقَالَ: أَ تَعْرِفُ النَّاسِخَ مِنَ الْمَنْسُوخِ؟ قَالَ: لَا. فَقَالَ: هَلَكْتَ وأهلكْتَ)) . فعلق علم التأويل على المعرفة بالناسخ والمنسوخ. كما أوضح بسؤاله القاضي عن معرفته بالناسخ والمنسوخ عن وجود هذا العلم متاحا لمن يريد التعرف عليه، والتعلم لقواعده وأدواته، فهو ليس بحكر على أحد.
ولما انشق قسم من جبهة العراق، عُرِف بالخوارج، الذين طالما قاتلوا تحت قيادة الإمام علي(ع)، فخاض بهم لجج الحروب التي اشتهرت بحروب التأويل. حكم أولئك المنشقون على قبول الإمام علي بالتحكيم مكرها بالكفر، وطالبوه بالتوبة. فجادلهم وابتدأ جداله معهم حول المعرفة بمنهج استنباط الحكم من الكتاب قائلا ما فحواه: ألكم علم بالمنهج الذي يخولكم الحكم في القضايا بحيث حكمتم بما حكمتم؟ فأوضح تمكنه من علم التأويل، بتمكنه من العناوين الرئيسة لهذا العلم: المحكم المتشابه الناسخ والمنسوخ، وقد شهد الخوارج له بذلك. ودانوا أنفسهم لما اقروا بالجهل بعلم التأويل، لجهلهم بالعناوين الرئيسة. لذلك استخلص الإمام علي حجته المفحمة؛ عندما أوضح انه حكم بالكتاب، بينما هم لفقدهم أهلية الحكم، صار إفتاؤهم بكفره ضربا من الحكم الجائر الصادر عن فاقد الأهلية. وهذا نص الحوار الدائر بين الطرفين، كما يرويه الإمام نفسه: ((قال: لما أردت قتال الخوارج بعد أن أرسلت إليهم ابن عباس لإقامة الحجة عليهم: قلت: يا معشر الخوارج أنشدكم الله، ألستم تعلمون أن في القرآن ناسخا ومنسوخا، ومحكما ومتشابها، وخاصا وعاما؟! قالوا: اللهم نعم!. فقلت: اللهم اشهد عليهم! ثم قلت: أنشدكم بالله هل تعلمون ناسخ القرآن من منسوخة، ومحكمه ومتشابهة، وخاصة وعامه؟! قالوا: اللهم لا! قلت: أنشدكم بالله! هل تعلمون أني أعلم ناسخه ومنسوخة ومحكمه ومتشابهة وخاصة وعامه؟! قالوا اللهم: نعم!. فقلت: من أضل منكم! وقد أقررتم بذلك!! ثم قلت: اللهم إنك تعلم أني حكمت فيه بما أعلـمه)).
وتستمر مدرسة أهل البيت تُركّز على شرط المعرفة بأركان الفتوى، فالإمام الصادق(ع) في حواره مع أبي حنيفة، مفتي أهل العراق، يسأل هذا الأخير عن امتلاكه المؤهلات التي تخوله الاشتغال في الفتيا، حتى يشغل مقام مفتي العراق، فيسأله عن العناوين الرئيسة لعلم التأويل: المحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ، ولما يعرب أبو حنيفة عن العلم بها، يختبره الإمام الصادق ويكشف عن جهله. وهذا نص الخبر:
قال أبو عبدالله الصادق لأبي حنيفة لما دخل عليه: ((من أنت؟
قال: أبو حنيفة!
قال (ع): مفتي أهل العراق؟ قال: نعم.
قال (ع): بما تفتيهم؟ قال: بكتاب الله.
قال (ع): وانك لعالم بكتاب الله، ناسخه ومنسوخة، ومحكمه ومتشابهة؟)).
وفي السياق ذاته، يدخل بعض المتنسكين على الإمام الصادق، يطرحون عليه دعوتهم للزهد بصورة متعسفة، فيسألهم قبل مناقشتهم في دعوتهم، عن أهليتهم لاستنباط الفتوى: ((ألكم علم بناسخ القرآن من منسوخة، ومحكمه من متشابهه، الذي في مثله ضل من ضل، وهلك من هلك من هذه الأمة؟!)). انطلاقا من قناعة الإمام الصادق بعدم إمكانية الحديث عن أي فتوى تنسب إلى القرآن، في الوقت الذي يفتقد المستنبط العلم بالمنهج الذي يخوله الاستنباط. ولما يعربون عن معرفة جزئية بالعناوين الرئيسة لعلم التأويل، يكشف الصادق أن ذلك هو الذي أوقع استنباطهم في الخطأ. ثم أوضح جور التصور الذي يدعون إليه، ثم طالبهم بالاهتمام بعلم التأويل الذي يمكن من ممارسة استنباط الفتوى بحق، بدل التورط في الجهالة: ((كونوا في طلب علم الناسخ من القرآن من منسوخة ومحكمه من متشابهه، وما أحل الله فيه مما حرّم ...)). وهذا هو نص الخبر: ((... فقال أبو عبدالله [لعدة أنفار جاءوا يعرضون عليه مذهبهم في التقشف]: أخبروني أيها النفر ألكم علم بناسخ القرآن من منسوخة، ومحكمه من متشابهه، الذي في مثله ضل من ضل، وهلك من هلك من هذه الأمة؟ فقالوا: بعضه فأما كله فلا. فقال لهم: من هاهنا أوتيتم، وكذلك أحاديث رسول الله (ص) [وبدأ في حديث طويل يشرح لهم ما غاب عنهم في رؤيتهم فتشابه الأمر عليهم حتى انتهى إلى القول:] فتأدبوا أيها النفر بآداب الله وكونوا في طلب علم الناسخ من القرآن من منسوخة ومحكمه من متشابهه وما أحل الله فيه مما حرّم، فانه أقرب لكم من الله وأبعد لكم من الجهل ودعوا الجهل ودعوا الجهالة لأهلها، فان أهل الجهل كثير، وأهل العلم قليل، وقد قال الله عز وجل: (وفوق كل ذي علم عليم)76/12)).
وفي الإطار ذاته، يصب الحوار الذي دار بين الحاكم العباسي هارون والإمام الكاظم، يعشواربموقف (قريش -أهل البيت) المتبني للتأويل في مقابل موقف (قريش -البيت العباسي) المتبني للرأي، ففي الخبر: «ولست أعفيك من كل ما أسألك عنه حتى تأتيني فيه بحجة من كتاب الله، وانتم، معشر ولد علي، تدعون انه لا يسقط عنكم منه شيء ألف ولا واو إلا وتأويله عندكم، واحتججتم بقوله عز وجل: (ما فرطنا في الكتاب من شيء)38/6، واستغنيتم عن رأي العلماء وقياسهم»، فيتضح من هذا المقطع من الحوار تمايز فكر مدرسة البيت النبوي عن التيارات الأخرى بعلم التأويل، الذي يمنح الكتاب اللاتناهي في عطائه الفكري، وهو ما من شأنه أن يجعل فكرهم المؤول يستغني عن تكلف قياسات الرأي بالقرآن المؤول. ثم نلتقي بهذاالمعنى في حديث الإمام الحسن العسكري، الوصي الحادي عشر، عندما يقول: ((يرفع الله بهذا القرآن والعلم بتأويله، وبموالتنا اهل البيت والتبري من اعدائنا، أقواما يجعلهم في الخير قادة، أئمة، تقتص آثارهم، وترمق أعمالهم، وتقتدي بفعالهم)).
وهكذا، يتضح من العبارات المتقدمة، التي اعتمدت كلمات مثل ((أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ / ... وانك لعالم بكتاب الله ناسخه ومنسوخه؟/ ... الكم علم بناسخ القرآن من منسوخه؟/ ... كونوا في طلب علم الناس من المنسوخ!))، أن هذه المعرفة وهذا العلم متاح للأمة، وفي متناول أفرادها أن يحيطوا به علما وليس هو بالسر، ولا بالعلم المستحيل، كما ليس ذاك العلم حكرا على فئة أو طائفة أو جماعة أو أفراد بعينهم. بل كان خطاب التعليم يطالب الأمة بأن ينبعث من كل طائفة منها من يتفقه في استنباط علم القرآن استنادا إلى المعرفة بعلم الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه، العناوين الرئيسة المفصلة لعلم الفتوى، والتي يجمعها عنوان التأويل، كما أوضح الأمام علي عندما قال لمخاطبه: ((أتعرف الناس من المنسوخ؟ ... تأويل كل حرف في القرآن على وجوه)). فعلق التأويل المصرف لوجوه الخطاب على المعرفة بالناسخ والمنسوخ.
كما يتضح أن الخطابات والحوارات تبدأ من عهد الرسول مرورا بعهد الإمام علي(ع)، ثم عهد الإمامين الصادقين وتتابع مع الإمام الكاظم، وفي الأئمة من بعده، وعلى امتداد ما يقارب من 250 سنة، لتؤكد على علم التأويل بأدواته، المحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ، باعتبارها العدة المنهجية التي تمثل المفاتيح التي تخول من يملكها الإطلاع على كنوز المعرفة التي تختزنها آيات الكتاب، كما إن التجرد من هذا العلم المنهجي في التعاطي مع الكتاب يقود إلى الشطط والتخرص والتقول افتراء، وقد حرم الله ذلك بالقول: (ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق)169/7.
إلا إن علم التأويل الذي قعده الرسول(ص) وأشاعه في الأمة، دخل بعد وفاة الرسول حيز المصادرة، ومع مرور الزمن أخذت تضيق عليه حلقة الحصار وتستهدفه الحملات بالتقويض والإقصاء من الوجود، كما تنبأ الرسول: ((تعلموا الفرائض والقرآن وعلموه الناس فاني مقبوض به))، وهذا ما استشعره الأمام الجواد، تاسع أوصياء البيت النبوي، حيث بدأت آنذاك نبوءة الرسول بالتظاهر، فقال (ع): ((كل أمة رفع الله عنهم علم الكتاب حين نبذوه، وولاهم عدوهم حين تولوه، وكان من نبذهم الكتاب ان أقاموا حروفه وحرفوا حدوده، فهم يروونه ولا يرعونه، والجهال يعجبهم حفظهم للرواية والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية)).
فرجعت الأمة القهقري، من العلم بالكتاب إلى العمل بالرأي، وقد تنبأ بذلك الرسول عندما قال (ص): ((تعمل هذه الأمة برهة بالكتاب، وبرهة بالسنة، وبرهة بالقياس، فإذا فعلوا ذلك ضلوا))، فحقت على الأمة كلمة الضلال والهلاك بتركها علم التأويل وعملها بمقاييس الرأي، حيث بدلوا قول الرسول(ص): ((من أفتى الناس بالمقاييس فقد هلك واهلك، ومن أفتى الناس وهو لا يعرف الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك وأهلك)) ، فكان هذا التبديل والتحريف يجاري عمل بني إسرائيل: (فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون)59/2، فظهر في واقع الأمة الأئمة الأرباب الذين تنبأ بظهورهم الرسول(ص) لما قال: ((يأخذ الناس في آخر الزمان رؤساء جهالا يفتونهم بغير علم فيضلون ويضلون)). وهم الذين يصف الإمام علي(ع) نموذجهم بالقول: ((لقد اسماه أشباه الناس عالما وليس به))..
وهكذا شرع الفقهاء الشركاء دينا لم يأذن به الله: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم)21/42، وفرقوا دين الأمة المؤمنة: (ولا تكونوا من المشركين، من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون)32/30، فأعلن الكتاب براءة الرسول (ص) منهم، ثم حضّ على تجنب الشرك الذي تجسّم في ظاهرة (المذاهب)، التي تعتبر أديان قامت على أنقاض دين التوحيد، وتعتمد التقول في الدين. وفي الدعوة لتجنب الشرك دعوة ضمنية للالتزام بالصراط المستقيم المستند إلى الاستنطاق ونبذ التقوّل.
[size=82]تحليل مفهوم التأويل[/size][size]
سوف نقوم بتحري التراث المروي عن تلك الحقبة لنلاحظ آثار الحقل الفقهي الأول، التي تجلى في مرتكزات عملية استنباط الفتوى، والتي ألقاها الرسول على جموع المسلمين المتجمهرين حلقا حوله، وروتها الرواة من بعده، واعتمدها فقهاء أهل البيت بصورة تكررت على امتداد الزمن. وقد وجدنا ان تلك المرتكزات تتلخص في اربع: المحكم، المتشابه، الناسخ، المنسوخ، وهي الركائز التي تتمخض عنها آلية نسخية، تؤسس ما نصطلح عليه بالدائرة التأويلية. وقد شرطت تلك المدرسة للتعاطي مع الخطاب المعرفة بهذه الركائز، وما ينشأ عنها من آلية باعتبارها منهجا. فأوضحت كل محاولة استنباط تتجرد من التعاطي المنهجي المشار إليه، عارية عن الصحة وغير جديرة بالاعتبار، وعليه قام البرهان. وهذا استعراض لبعض الأحاديث الدالة على ذلك:
عن رسول الله (ص): ((من أفتى الناس بالمقاييس فقد هلك وأهلك، ومن أفتى الناس وهو لا يعرف الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك وأهلك)). يعلق الرسول في هذا الحديث الفتيا التي يشتغل بها الفقيه بالمعرفة بالركائز الأربعة.
ثم في حقبة ما بعد رحيل الرسول نجد الإمام علي يمر بقاض من قضاة الرأي، الذين تفشوا في تلك المرحلة، فيسأله عن معرفته بعلم الفتيا المتمثل في الأركان الأربعة، فيعرب القاض عن عدم إلمامه بها. مما دعا الإمام لأن ينذره بالهلاك، الذي أشار إليه الرسول(ص) في حديثه. حيث لا يمكن استنباط الفتيا ومعرفة وجوه الحكم في القضاء إلا استنادا إلى تلك الأركان، التي تمثل علم الفتيا والاستنباط. فعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ: ((أَنَّ عَلِيّاً (ع) مَرَّ عَلَى قَاضٍ فَقَالَ: أَ تَعْرِفُ النَّاسِخَ مِنَ الْمَنْسُوخِ؟ قَالَ: لَا. فَقَالَ: هَلَكْتَ وأهلكْتَ)) . فعلق علم التأويل على المعرفة بالناسخ والمنسوخ. كما أوضح بسؤاله القاضي عن معرفته بالناسخ والمنسوخ عن وجود هذا العلم متاحا لمن يريد التعرف عليه، والتعلم لقواعده وأدواته، فهو ليس بحكر على أحد.
ولما انشق قسم من جبهة العراق، عُرِف بالخوارج، الذين طالما قاتلوا تحت قيادة الإمام علي(ع)، فخاض بهم لجج الحروب التي اشتهرت بحروب التأويل. حكم أولئك المنشقون على قبول الإمام علي بالتحكيم مكرها بالكفر، وطالبوه بالتوبة. فجادلهم وابتدأ جداله معهم حول المعرفة بمنهج استنباط الحكم من الكتاب قائلا ما فحواه: ألكم علم بالمنهج الذي يخولكم الحكم في القضايا بحيث حكمتم بما حكمتم؟ فأوضح تمكنه من علم التأويل، بتمكنه من العناوين الرئيسة لهذا العلم: المحكم المتشابه الناسخ والمنسوخ، وقد شهد الخوارج له بذلك. ودانوا أنفسهم لما اقروا بالجهل بعلم التأويل، لجهلهم بالعناوين الرئيسة. لذلك استخلص الإمام علي حجته المفحمة؛ عندما أوضح انه حكم بالكتاب، بينما هم لفقدهم أهلية الحكم، صار إفتاؤهم بكفره ضربا من الحكم الجائر الصادر عن فاقد الأهلية. وهذا نص الحوار الدائر بين الطرفين، كما يرويه الإمام نفسه: ((قال: لما أردت قتال الخوارج بعد أن أرسلت إليهم ابن عباس لإقامة الحجة عليهم: قلت: يا معشر الخوارج أنشدكم الله، ألستم تعلمون أن في القرآن ناسخا ومنسوخا، ومحكما ومتشابها، وخاصا وعاما؟! قالوا: اللهم نعم!. فقلت: اللهم اشهد عليهم! ثم قلت: أنشدكم بالله هل تعلمون ناسخ القرآن من منسوخة، ومحكمه ومتشابهة، وخاصة وعامه؟! قالوا: اللهم لا! قلت: أنشدكم بالله! هل تعلمون أني أعلم ناسخه ومنسوخة ومحكمه ومتشابهة وخاصة وعامه؟! قالوا اللهم: نعم!. فقلت: من أضل منكم! وقد أقررتم بذلك!! ثم قلت: اللهم إنك تعلم أني حكمت فيه بما أعلـمه)).
وتستمر مدرسة أهل البيت تُركّز على شرط المعرفة بأركان الفتوى، فالإمام الصادق(ع) في حواره مع أبي حنيفة، مفتي أهل العراق، يسأل هذا الأخير عن امتلاكه المؤهلات التي تخوله الاشتغال في الفتيا، حتى يشغل مقام مفتي العراق، فيسأله عن العناوين الرئيسة لعلم التأويل: المحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ، ولما يعرب أبو حنيفة عن العلم بها، يختبره الإمام الصادق ويكشف عن جهله. وهذا نص الخبر:
قال أبو عبدالله الصادق لأبي حنيفة لما دخل عليه: ((من أنت؟
قال: أبو حنيفة!
قال (ع): مفتي أهل العراق؟ قال: نعم.
قال (ع): بما تفتيهم؟ قال: بكتاب الله.
قال (ع): وانك لعالم بكتاب الله، ناسخه ومنسوخة، ومحكمه ومتشابهة؟)).
وفي السياق ذاته، يدخل بعض المتنسكين على الإمام الصادق، يطرحون عليه دعوتهم للزهد بصورة متعسفة، فيسألهم قبل مناقشتهم في دعوتهم، عن أهليتهم لاستنباط الفتوى: ((ألكم علم بناسخ القرآن من منسوخة، ومحكمه من متشابهه، الذي في مثله ضل من ضل، وهلك من هلك من هذه الأمة؟!)). انطلاقا من قناعة الإمام الصادق بعدم إمكانية الحديث عن أي فتوى تنسب إلى القرآن، في الوقت الذي يفتقد المستنبط العلم بالمنهج الذي يخوله الاستنباط. ولما يعربون عن معرفة جزئية بالعناوين الرئيسة لعلم التأويل، يكشف الصادق أن ذلك هو الذي أوقع استنباطهم في الخطأ. ثم أوضح جور التصور الذي يدعون إليه، ثم طالبهم بالاهتمام بعلم التأويل الذي يمكن من ممارسة استنباط الفتوى بحق، بدل التورط في الجهالة: ((كونوا في طلب علم الناسخ من القرآن من منسوخة ومحكمه من متشابهه، وما أحل الله فيه مما حرّم ...)). وهذا هو نص الخبر: ((... فقال أبو عبدالله [لعدة أنفار جاءوا يعرضون عليه مذهبهم في التقشف]: أخبروني أيها النفر ألكم علم بناسخ القرآن من منسوخة، ومحكمه من متشابهه، الذي في مثله ضل من ضل، وهلك من هلك من هذه الأمة؟ فقالوا: بعضه فأما كله فلا. فقال لهم: من هاهنا أوتيتم، وكذلك أحاديث رسول الله (ص) [وبدأ في حديث طويل يشرح لهم ما غاب عنهم في رؤيتهم فتشابه الأمر عليهم حتى انتهى إلى القول:] فتأدبوا أيها النفر بآداب الله وكونوا في طلب علم الناسخ من القرآن من منسوخة ومحكمه من متشابهه وما أحل الله فيه مما حرّم، فانه أقرب لكم من الله وأبعد لكم من الجهل ودعوا الجهل ودعوا الجهالة لأهلها، فان أهل الجهل كثير، وأهل العلم قليل، وقد قال الله عز وجل: (وفوق كل ذي علم عليم)76/12)).
وفي الإطار ذاته، يصب الحوار الذي دار بين الحاكم العباسي هارون والإمام الكاظم، يعشواربموقف (قريش -أهل البيت) المتبني للتأويل في مقابل موقف (قريش -البيت العباسي) المتبني للرأي، ففي الخبر: «ولست أعفيك من كل ما أسألك عنه حتى تأتيني فيه بحجة من كتاب الله، وانتم، معشر ولد علي، تدعون انه لا يسقط عنكم منه شيء ألف ولا واو إلا وتأويله عندكم، واحتججتم بقوله عز وجل: (ما فرطنا في الكتاب من شيء)38/6، واستغنيتم عن رأي العلماء وقياسهم»، فيتضح من هذا المقطع من الحوار تمايز فكر مدرسة البيت النبوي عن التيارات الأخرى بعلم التأويل، الذي يمنح الكتاب اللاتناهي في عطائه الفكري، وهو ما من شأنه أن يجعل فكرهم المؤول يستغني عن تكلف قياسات الرأي بالقرآن المؤول. ثم نلتقي بهذاالمعنى في حديث الإمام الحسن العسكري، الوصي الحادي عشر، عندما يقول: ((يرفع الله بهذا القرآن والعلم بتأويله، وبموالتنا اهل البيت والتبري من اعدائنا، أقواما يجعلهم في الخير قادة، أئمة، تقتص آثارهم، وترمق أعمالهم، وتقتدي بفعالهم)).
وهكذا، يتضح من العبارات المتقدمة، التي اعتمدت كلمات مثل ((أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ / ... وانك لعالم بكتاب الله ناسخه ومنسوخه؟/ ... الكم علم بناسخ القرآن من منسوخه؟/ ... كونوا في طلب علم الناس من المنسوخ!))، أن هذه المعرفة وهذا العلم متاح للأمة، وفي متناول أفرادها أن يحيطوا به علما وليس هو بالسر، ولا بالعلم المستحيل، كما ليس ذاك العلم حكرا على فئة أو طائفة أو جماعة أو أفراد بعينهم. بل كان خطاب التعليم يطالب الأمة بأن ينبعث من كل طائفة منها من يتفقه في استنباط علم القرآن استنادا إلى المعرفة بعلم الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه، العناوين الرئيسة المفصلة لعلم الفتوى، والتي يجمعها عنوان التأويل، كما أوضح الأمام علي عندما قال لمخاطبه: ((أتعرف الناس من المنسوخ؟ ... تأويل كل حرف في القرآن على وجوه)). فعلق التأويل المصرف لوجوه الخطاب على المعرفة بالناسخ والمنسوخ.
كما يتضح أن الخطابات والحوارات تبدأ من عهد الرسول مرورا بعهد الإمام علي(ع)، ثم عهد الإمامين الصادقين وتتابع مع الإمام الكاظم، وفي الأئمة من بعده، وعلى امتداد ما يقارب من 250 سنة، لتؤكد على علم التأويل بأدواته، المحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ، باعتبارها العدة المنهجية التي تمثل المفاتيح التي تخول من يملكها الإطلاع على كنوز المعرفة التي تختزنها آيات الكتاب، كما إن التجرد من هذا العلم المنهجي في التعاطي مع الكتاب يقود إلى الشطط والتخرص والتقول افتراء، وقد حرم الله ذلك بالقول: (ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق)169/7.
إلا إن علم التأويل الذي قعده الرسول(ص) وأشاعه في الأمة، دخل بعد وفاة الرسول حيز المصادرة، ومع مرور الزمن أخذت تضيق عليه حلقة الحصار وتستهدفه الحملات بالتقويض والإقصاء من الوجود، كما تنبأ الرسول: ((تعلموا الفرائض والقرآن وعلموه الناس فاني مقبوض به))، وهذا ما استشعره الأمام الجواد، تاسع أوصياء البيت النبوي، حيث بدأت آنذاك نبوءة الرسول بالتظاهر، فقال (ع): ((كل أمة رفع الله عنهم علم الكتاب حين نبذوه، وولاهم عدوهم حين تولوه، وكان من نبذهم الكتاب ان أقاموا حروفه وحرفوا حدوده، فهم يروونه ولا يرعونه، والجهال يعجبهم حفظهم للرواية والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية)).
فرجعت الأمة القهقري، من العلم بالكتاب إلى العمل بالرأي، وقد تنبأ بذلك الرسول عندما قال (ص): ((تعمل هذه الأمة برهة بالكتاب، وبرهة بالسنة، وبرهة بالقياس، فإذا فعلوا ذلك ضلوا))، فحقت على الأمة كلمة الضلال والهلاك بتركها علم التأويل وعملها بمقاييس الرأي، حيث بدلوا قول الرسول(ص): ((من أفتى الناس بالمقاييس فقد هلك واهلك، ومن أفتى الناس وهو لا يعرف الناسخ من المنسوخ والمحكم من المتشابه فقد هلك وأهلك)) ، فكان هذا التبديل والتحريف يجاري عمل بني إسرائيل: (فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون)59/2، فظهر في واقع الأمة الأئمة الأرباب الذين تنبأ بظهورهم الرسول(ص) لما قال: ((يأخذ الناس في آخر الزمان رؤساء جهالا يفتونهم بغير علم فيضلون ويضلون)). وهم الذين يصف الإمام علي(ع) نموذجهم بالقول: ((لقد اسماه أشباه الناس عالما وليس به))..
وهكذا شرع الفقهاء الشركاء دينا لم يأذن به الله: (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم)21/42، وفرقوا دين الأمة المؤمنة: (ولا تكونوا من المشركين، من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون)32/30، فأعلن الكتاب براءة الرسول (ص) منهم، ثم حضّ على تجنب الشرك الذي تجسّم في ظاهرة (المذاهب)، التي تعتبر أديان قامت على أنقاض دين التوحيد، وتعتمد التقول في الدين. وفي الدعوة لتجنب الشرك دعوة ضمنية للالتزام بالصراط المستقيم المستند إلى الاستنطاق ونبذ التقوّل.
[size=82]تحليل مفهوم التأويل[/size][size]
1) تعريف التأويل:
ما هو مفهوم (التأويل) في الحدود التي يعرضها الظاهر القرآني؟! يصادف الباحث في الإجابة على هذا السؤال، قوله تعالى: (إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين، قال يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك)4-5/12، هذه الرؤية التي رآها يوسف هي التي فسرها عندما قال تعالى: (فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين، ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا)109-100/12، من هذه المقارنة بين الخطابين القرآنيين اللذين يتمايزان في الموقع، ويتصلان في الموضوع يتضح أن التأويل ببساطة شديدة هو التفسير ليس إلا ...
هذه النتيجة تظهر أيضا في قوله تعالى: (يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون، قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون، ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون، ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون)46-49/12، ففي هذا الخطاب القرآني يتأكد تعريف التأويل بالتفسير، فعندما طلب العزيز تأويل الرؤيا المنامية التي رآها، إنما طلب تعبيرها وتفسيرها. إذن، فلم يكن تأويل يوسف للحلم إلا تفسيره لذاك الحلم...
ويتعزز هذا التعريف بشاهد ثالث يقدمه قوله تعالى: (فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة خرقها قال: أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا، قال: ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا، قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا، فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله قال: أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا، قال: ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا، قال: إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا، فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا، قال: هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا، أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا، وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا، فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما، وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تستطع عليه صبرا)71-82/18، فتأويل العبد الصالح، للوقائع المشار إليها، واضح أنها تفسيرات، ليس أكثر، فقوله: (سأنبئك بتأويل...)، أي سأنبئك بتفسير ...
وهكذا، نجد أن الخطابات القرآنية الثلاث تجمع على تعريف التأويل بالتفسير، وهو ما يفند محاولات المتأخرين للتفريق بين التفسير والتأويل، لقد كانت محاولتهم ضربا من العبث، باعتبارها حاولت أن تفرق بين الشيء وذاته، وهو ما أُعضل عليهم لاستحالته، فكانت لهم في هذا الصدد محاولات عشر للتفريق لم تأت بخير(*). وجعلت المبحث معلق في إطار نظري غير منتج، متعذر العمل به لتشابهه ...
[size=16]2) أنماط العلاقات التفسيرية:[/size][size]
فإذا وجد ثمة فارق بين مفهوم التأويل، الذي تعرض له الخطابات الثلاث، فذلك لأن النموذج الأول هو تفسير للخطاب الحلمي من خلال معطيات الواقع الخارجي الذي يتطابق معه، حيث فسر يوسف سجود الكواكب والشمس والقمر له، بسجود أخوته وأبويه عندما اعتلى عرش مصر، فكان الحلم يترجم نفسه ويفك شفرته من خلال تلك الواقعة القائمة على الأرض آنذاك، وهو ما جعل يوسف يشير فقط إلى الحدث، ليقول: (وقال: يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا)100/12، فكان تفسير الرؤية يستند إلى مرجعية الواقع الخارجي بمعطياته ووقائعه وما يجري على الأرض من أحداث..
بينما النموذج الثاني هو تفسير الخطاب الحلمي من خلال خطاب لفظي مساوق، حيث فسر يوسف حلم العزيز من خلال نظره فيما يؤول إليه من واقع مستقبلي تحقق فيما بعد فعلا. فكان تأويل الرؤيا يقوم على تصريف كلماتها إلى ما تؤول إليها من ألفاظ مساوقة...
أما النموذج الثالث فإن الواقع الخارجي يفسر من خلال خطاب لفظي مساوق، وهو عشواربالنموذج الأول، حيث فسر العبد الصالح الوقائع التي جرت، والتي فيها خرق السفينة، وقتل الغلام، وأقام الجدار، فسرها من خلال البيان الذي أنشأه معللا لما جرى من أحداث. وهو عشواربللنموذج الذي فيه فسر يوسف حلمه من خلال الواقع الجاري على الأرض. وهو ما يكشف عن ارتباط الواقع بالخطاب بعلاقة تفسيرية متبادلة ..
وزبدة القول، إن التأويل قد يأتي على ثلاثة أنماط، فيكون تفسير خطاب بخطاب، أو تفسير الواقع بخطاب، أو تفسير الخطاب بالواقع.
وما يقال في الخطاب الحُلمي ينطبق على الخطاب القرآني، للتطابق الموجود بينهما في تشابه تركيب الخطابين من جهة، وفي اعتماد كل منهما للتأويل من جهة أخرى. وعليه، فان تفسير الخطاب القرآني يفسر تارة بخطاب لفظي مساوق، فاللفظ يفسره لفظ، وتارة يفسر من خلال الواقع الخارجي، فاللفظ القرآني يفسره واقع يأتي به الزمان، وهو ما أشار اليه ابن عباس عندما قال: ((القرآن يفسره الزمان))، وتارة ثالثة يفسر القرآن الواقع الخارجي، وهو ما يمكن صياغته في حديث مكمل لحديث ابن عباس، وينطوي عليه مفهوميا، بالقول: ((القرآن يفسر الزمان)). فنكتشف أن التفسير القرآني يمكن أن يأتي على ثلاثة أنماط:
1/ تفسير اللفظ باللفظ: آية قرآنية تفسرها آية قرآنية
2/ تفسير اللفظ بالواقع: آية قرآنية تفسرها آية كونية
3/ تفسير الواقع باللفظ: آية كونية تفسرها آية قرآنية
التاويل وعلم الخطاب[/size][/size][/size]