شرح دعاء الصباح
لأمير المؤمنين (عليه السلام)


الشيخ نزيه القميحا


مقدّمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين، وأفضل الصلاة وأزكى التسليم على سيد الخلق أجمعين، حبيب إله العالمين، سيدنا محمّد، النبيّ الأمين، والرسول الكريم، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه المنتجبين المؤمنين، الذين لا غيروا ولا بدلوا تبديلا.
قال الله تعالى:
(قل ما يبعؤا بكم ربّي لولا دعاؤكم)الفرقان/77.
وقال تعالى:
(وما خلقت الجن والإنس إلاّ ليعبدون) الذاريات/56.
الدعاء مخّ العبادة، وسلاح المؤمن، وهو النجاة للمؤمنين من أعدائهم، وهو يدرّ عليهم الرّزق، ويردّ القضاء بعدما اُبرم إبراماً، وهو مفتاح كل رحمة، ونجاح كلّ حاجة، ولا يُنال ما عند الله تعالى إلاّ به...
أمرنا سبحانه بالدعاء، ووعدنا الإجابة إذا فعلنا موجبات الإجابة، فقال عزّ وجلّ:
(ادعوني أستجب لكم). غافر/60.
(
فإنّي اُجيب دعوة الدّاع إذا دعان). البقرة/186.
وطلب منّا سبحانه تكرار الدعاء، والمواظبة عليه بكرةً وأصيلا. ووعدنا استجابة الدعاء إذا فعلنا موجباته من المواظبة عليه ومن استحضار القلب والجوارح عنده، ومحاولة البكاء من خشية الله تعالى، وقصد أماكن العبادة والطاعة... وغيرها من الاُمور التي تجعل من الداعي متصلا بربه خائفاً من ذنبه، خاشعاً مستغفراً منيباً...
وقد قام النبيّ
(صلى الله عليه وآله وسلم) بالعبادة الحقّ، بالتوجه إلى الله تعالى بقلبه وروحه وجوارحه حتى ورمت قدماه من كثرة الصلاة والعبادة، وقد عاتبه الله سبحانه بقوله: (طه * ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى). طه/1 ـ 2.
وهذا أخوه ووصيه وصهره ونفسه عليّ بن أبي طالب أميرالمؤمنين وسيد الوصيين ويعسوب الدين وقائد الغر المحجلين صلوات الله عليه وعلى أبنائه الطاهرين، كان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة... ولم يتحمّل عبادة رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم)، أو قام بها أحد غيره(عليه السلام).
وقد ملأت أدعية النبيّ
(صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الأطهار(عليهم السلام) بطون الكتب، فلا نجد كتاب تأريخ أو حديث أو أخلاق أو غيرها من الكتب التي ذكرت سيرتهم أو حياتهم أو عباداتهم إلاّ وذكرت الأدعية والأذكار التي وردت عنهم أو كانوا يقومون بها، ويواظبون عليها، لا لأنّهم أذنبوا أو أخطئوا أخطاء توجب هذه الأدعية والإستغفارات والتوسلات... بل كان ذلك منهم شكراً وحمداً لله تعالى على ما أنعم عليهم، وتعليماً للاُمّة لكي تقتدي بهم، وتسير بسيرتهم، وتنهج نهجهم... فقد عوتب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) على كثرة عبادته وصلاته، بعد أن ورمت قدماه وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فقال(صلى الله عليه وآله وسلم): ألا أكون عبداً شكوراً(1).
وهكذا كان الأئمّة الأطهار
(عليهم السلام) لم يكن لديهم أيّ ذنب أو معصية تستوجب هذه الأدعية على سبيل الحقيقة، لأنّهم معصومون عن الخطأ، ومطهرون عن الزلل، ولكنّهم كانوا يدعون الله تعالى شكراً وخضوعاً وتذللا وحمداً وثناءً... على ما أنعم عليهم، وليكونوا رمزاً للعبادة الحقّ، ومشعلا يُستنارُ بنورهم، ومثلا يُقتدى بهم وبعبادتهم وصلاتهم وأدعيتهم وتوسلهم بالله الخالق العظيم عزّ وجلّ... وليعلِّموا الاُمّة كيف يتوبون إلى الله تعالى من ذنوبهم، ويستغفرونه على ما صدر منهم من خطايا وآثام، ويلجئون إليه سبحانه في مهمّات الاُمور، ويتوسلون به خاشعين خاضعين مؤمنين متّقين...
وقد أخطأ وأثم من اعتبر أقوالهم في الإستغفارات من الذنوب العظام على سبيل الحقيقة، وصرّح بأنّ أميرالمؤمنين
(عليه السلام) يسأل الله تعالى «أن لا يأخذه بما يناسب وضعه، لأنّه لو أخذه بما يناسب وضعه، لما استحق سوى العذاب...» وأنّه لو لم يكن لديه ذنوب، وآثام كبيرة لما اعترف بها، وأقرّ بحصولها وسأل الله تعالى أن يغفرها له...
وقد نسيَ أو تناسى أنّ أميرالمؤمنين
(عليه السلام) وأبناءه الطاهرين(عليهم السلام) معصومون مطهرون من كل ذنب أو نقص أو عيب، وأنّهم ولاة الأمر بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)بنص الكتاب المجيد والصحاح الواردة عن جدّهم الرسول المصطفى(صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنّهم هم المثل الذي يقتدي به المؤمنون، فلابد من قيامهم بما قاموا به من أدعية وأذكار ليعلّموا الاُمّة كيف تلجأ إلى الله عزّ وجلّ، وكيف تتوسل به وتستغفره وتتوب إليه...
ومن هنا نسأل الله تبارك وتعالى التوفيق لفهم سيرتهم العطرة، والتعرّف على الغرض الذي رموا إليه من خلال عباداتهم وأدعيتهم ومجالسهم المباركة... فهم حجّة الله على الخلق، والدليل على معرفته، والطريق الموصل إلى رضوانه سبحانه وتعالى...
كما وأننا نسأله التسديد للدوام على ولائهم، والتمسك بحبلهم، والاعتصام بهم وبسنّتهم في كل آن وزمان، لأنهم هم والكتاب المجيد صنوان لا يفترقان، وقد أوجب رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم) على الاُمّة التمسك بهما، وقال: إنّهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض، إنّه سميع مجيب.
وقد أبدع مولانا أميرالمؤمنين
(عليه السلام) في دعاء (الصباح) بكلمات ناجى بها الله تعالى، التي نستوحي منها الخشوع والإجلال والإكبار من سيد البلغاء والمتكلمين وإمام الفصحاء والمحدّثين بعد رسول ربّ العالمين صلوات الله وسلامه عليهما وعلى الأئمّة الطاهرين وجميع الأنبياء والمرسلين...
وقد طلب منّي بعض الاُخوة المؤمنين أن أشرح كلمات هذا الدعاء الجليل، لما فيه من المعاني الجليلة السامية التي يسبح قارئه في سماء فكر مولانا أميرالمؤمنين
(عليه السلام) التي ملؤها الجلال والجمال، والعلو السامي المتعالي... واستجابة لطلب هذا الأخ الكريم، ومحبّة للتشرف والتبرك في شرح كلام مولانا أميرالمؤمنين(عليه السلام)، قمت بشرح ما رأيته بحاجة إلى شرح، سائلا المولى عزّوجلّ التوفيق، والسداد، والقبول إنّه وليّ ذلك، وهو حسبنا ونعم الوكيل...




أصل الدعاء
بسم الله الرّحم الرّحيم
(اللّهمّ يَامَن دَلَعَ لِسانَ الصباح بنطق تبلّجه، وسرّح قِطع الليل المظلم بغياهب تلجلُجه، وأتقن صُنع الفَلك الدوّار في مقادير تبرّجه، وشعشَع ضياء الشمس بنور تأجّجه. يامن دلّ على ذاته بذاته وتنزّه عن مجانسة مخلوقاته، وجلّ عن ملاءمة كيفيّاته. يا من قرب من خواطر الظّنون، وبَعُد عن ملاحظة العيون، وعَلِمَ بما كان قبل أن يكون. يامن أرقدني في مهاد أمنه وأمانه، وأيقظني إلى ما منحني به من مِنَنهِ وإحسانه، وكفّ أكفّ السوء عنّي بيده وسلطانه. صلّ اللّهمّ على الدليل إليك في الليل الأليل، والماسك من أسبابك بحبل الشرف الأطول، والناصع الحسب في ذروة الكاهل الأعبل، والثابت القدم على زحاليفها في الزمن الأول وعلى آله الطيبين الأخيار، المصطفَين الأبرار، وافتح اللّهمّ لنا مصاريع الصباح، بمفاتيح الرحمة والفلاح، وألبسنا اللّهمّ من أفضل خلع الهداية والصلاح، واغرس اللّهمّ لعظمتك في شرب جناني ينابيع الخشوع، وأجر اللّهمّ لهيبتك من أماقي زفرات الدموع وأدِّب اللّهمّ نزق الخرق منّي بأزمّة القنوع. إلهي! إن لم تبتدئني الرحمة منك بحسن التوفيق، فمن السالك بي إليك في واضح الطريق، وإن أسلمتني أناتك لقائد الأمل والمُنى، فمن المقيل عثراتي من كبوة الهوى، وإن خذلني نصرك عند محاربة النفس والشيطان، فقد وكلني خذلانك إلى حيث النصب والحرمان. إلهي! أتراني ما أتيتك إلاّ من حيثُ الآمال، أم علقتُ بأطراف حبالك إلاّ حين باعدتني ذنوبي عن دار الوصال، فبئس المطيّة التي امتطأت نفسي من هواها، فواهاً لها لما سوّلت لها ظنونها ومناها، وتبّاً لها لجرأتها على سيّدها ومولاها. إلهي قرعت باب رحمتك بيد رجائي، وهربت إليك لاجئاً من فرط أهوائي، وعلّقت بأطراف حبالك أنامل ولائي. فاصفح اللّهمّ عمّا كان أجرمته من زللي وخطئي. وأقلني اللّهمّ من صرعة ردائي، وعسرة بلائي، فإنّك سيّدي ومولاي ومعتمدي ورجائي، وأنت غاية مطلوبي ومناي، في منقلبي ومثواي. إلهي! كيف تطرد مسكيناً التجأ إليك من الذنوب هارباً أم كيف تُخيّب مسترشداً، قصد إلى جنابك ساعياً، أم كيف تردّ ظمآن ورد إلى حياضك شارباً، كلاّ وحياضك مترعة في ضنك المحول وبابك مفتوح للطلب والوغول، وأنت غاية السؤُلِ، ونهاية المأمول. إلهي! هذه أزمّةُ نفسي قد عقلتها بعقال مشيئتك وهذه أعباء ذنوبي درأتها برحمتك ورأفتك وهذه أهوائي المضلّة وكّلتها إلى جناب لطفك. فاجعل اللّهمّ صباحي هذا، نازلا عليَّ بضياء الهدى، والسلامة في الدّين والدّنيا، ومسائي جُنّة من كيد العدى، ووقاية من مرديات الهوى، إنّك قادر على ما تشاء (تؤتي المُلك من تشاء، وتنزع المُلك ممّن تشاءُ، وتُعزُّ من تشاءُ، وتُذلُّ من تشاءُ بيدك الخير، إنّك على كلّ شيء قدير)(آل عمران/26) (تولج الليل في النهار، وتولج النهار في الليل وتُخرج الحيَّ من الميت، وتخرج الميت من الحيِّ، وترزق من تشاء بغير حساب) (آل عمران/27) لا إله إلاّ أنت سبحانك اللّهمّ وبحمدك، جلّ ثناؤك من ذا يعرف قدرتك فلا يخافك، ومن ذا يعلم ما أنت فلا يهابك، ألّفت بقدرتك الفِرَق، وفلقت برحمتك الفَلق، وأنّرت بكرمك دياجي الغسق، وأنهرت المياه من الصمّ الصياخيد عذباً واُجاجاً، وأنزلت من المعصرات ماءً ثجاجا، وجعلت الشمس والقمر للبريّة سراجاً وهّاجاً، من غير أن تمارس فيما ابتدأت به لغوباً ولا علاجاً. فيامن توحّد بالعزّ والبقاء! وقهر عباده بالموت والفناء، صلّ على محمّد وآله الأتقياء، واستمع ندائي، وأهلِك أعدائي، واستجب دُعائي، وحقّق بفضلك أملي ورجائي. يا خير من دُعي لكشف الضّرُّ والمأمول لكلّ عسر ويسر، بك أنزلت حاجتي فلا تردّني يا سيّدي! من سنّي مواهبك خائباً يا كريم يا كريم يا كريم! برحمتك يا أرحم الرّاحمين. وصلّى الله على سيّدنا ونبيّنا خير خلقه محمّد وآله الطّاهرين أجمعين).
ثم تسجد وتقول:
(إلهي! قلبي محجوب، ونفسي معيوب، وعقلي مغلوب، وهوائي غالب، وطاعتي قليل، ومعصيتي كثير، ولساني مقرّ بالذنوب، فكيف حيلتي يا علاّم الغيوب! يا غفّار الذنوب! يا ستّار العيوب! اغفر لي ذنوبي كلّها، يا غفّار يا غفّار يا غفّار! يا شديد العقاب يا غفور يا رحيم! يا حليم يا كريم! اقض حاجاتي بحقّ القرآن العظيم، والنبيّ الكريم وصلّى الله على محمّد وآله أجمعين، الطيّبين الطاهرين).
الشرح
بسم الله الرّحمن الرّحيم
[اللّهمّ يَامَن دَلَعَ لِسانَ الصباح بنطق تبلّجه، وسرّح قِطع الليل المظلم بغياهب تلجلُجه، وأتقن صُنع الفَلك الدوّار في مقادير تبرّجه، وشعشَع ضياء الشمس بنور تأجّجه].
(اللّهمّ يَامَن دَلَعَ لِسانَ الصباح بنطق تبلّجه)
دلع: أخرج وأظهر.
لسان الصباح: شروق الشمس ووضوح النهار.
النطق: هو ضد الصمت.
التبلج: الإضاءة والإشراق.
المعنى: يا إلهي! يامن أخرجت ضوء الصباح، وأظهرت إشراقة النهار وضوءه...
(وسرّح قِطع الليل المظلم بغياهب تلجلُجه)
التسريح: الإرسال. قال عزّ وجلّ:
(أو تسريح بإحسان). البقرة/229.
قطع الليل: أي حركة الليل: درجة درجة، وقطعة قطعة. الغياهب: الظلمة الشديدة.
التلجلج: التردد، مثل لقمة الطعام تتلجلج في الفم، وتتردد للمضغ. وقد قيل: «ألحق أبلج، والباطل تلجلج» ولجّة البحر تردد أمواجه.
المعنى: يا إلهي! يا من أرسل الليل المظلم الشديد الظلمة، متحركاً متردداً ذهاباً وإياباً...
(وأتقن صُنع الفَلك الدوّار في مقادير تبرّجه)
أتقن: أحكم.
الفَلك: جمعها أفلاك، وهي الكواكب والنجوم.
الدّوّار: المتحرك بالاستدارة.
المقادير: من المقدور والقدرة.
التبرج: الزينة، قال تعالى:
(وقرن في بيوتكنّ ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاُولى). الأحزاب/33.
وزينة الأفلاك هي انتقالها من برج إلى برج، أو هي التي زيّن بها الله السماء الدنيا
(ولقد زيّنا السماء الدّنيا بمصابيح). الملك/5.
(
صنع الله الذي أتقن كلّ شيء). النمل/88.
المعنى: إلهي! يا من أتقنت وأحكمت صنع كلّ شيء، وفي أجمل تصوير وتبرج وزينة...
(وشعشَع ضياء الشمس بنور تأجّجه)
الشعشعة: المزج والخلط.
التأجج: هو إضرام النار واشتعالها ولهبها.
المعنى: يا إلهي! يا من مزج ضياء الشمس بالأشعة التي تخرج منها حال تأججها واشتعالها، فيكون منها ضياء دائماً أبداً...


[يامن دلّ على ذاته بذاته وتنزّه عن مجانسة مخلوقاته، وجلّ عن ملاءمة كيفيّاته. يا من قرب من خواطر الظّنون، وبَعُد عن ملاحظة العيون، وعَلِمَ بما كان قبل أن يكون].
(يامن دلّ على ذاته بذاته)
المعنى: هذه فقرة موجزة قالها أميرالمؤمنين
(عليه السلام) فيها دلالات واسعة كثيرة.
أي يا إلهي! يا من كان نور ذاته المقدسة، هو دليل موصل للطالبين والراغبين إلى التقرب إليه، والتعرف عليه، فبفضله وكرمه وفيوضاته عرّف عباده على ذاته وعبادته، ودلّهم على كيفيّة الوصول إلى القرب منه، والتعرّف عليه، فهو الخير، ومنه الخير وإليه يعود الخير...
(وتنزّه عن مجانسة مخلوقاته)
التنزّه: التباعد، فلان يتنزّه عن الأقذار، وينزّه نفسه عنها، أي يتباعد عنها. المجانسة: المشاركة.
المعنى: إنّ الله تبارك وتعالى نأى عن مشابهة مخلوقاته، لأنّه:
(ليس كمثله شيء وهو السميع البصير). الشورى/11.
(وجلّ عن ملاءمة كيفيّاته)
المعنى: أنّه تبارك وتعالى جلّ وترفّع عن أن يكون ملائماً ومناسباً لخلق المخلوقين، أو مشابهاً لهم بل هو القديم الأزلي، الذي
(لم يلد ولم يولد* ولم يكن له كفواً أحد). الإخلاص/3 ـ 4.
(يا من قرب من خواطر الظّنون)
المعنى: إلهي! يا من تعاليت وتباعدت عن جميع المخلوقات بأجسادهم ومادتهم، وكنت قريباً من خواطرهم ولمحاتهم النفسية، وخلجاتهم القلبيّة. ولكن العلم بك لا يصل إلى حدّ اليقين، بل هو خطرات ظنّية وأمّا معرفتك يا إلهي! المعرفة الحقيقيّة لم تتوفّر إلاّ لقلة من البشر الذين اصطفيتهم، وجعلتهم خزّان علمك ومهبط وحيك، قال رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم): يا عليّ! ما عرف الله تعالى إلاّ أنا وأنت، وما عرفني إلاّ الله وأنت، وما عرفك إلاّ الله وأنا.
(وبَعُد عن ملاحظة العيون)
المعنى: إلهي! يا من قربت من خطرات القلوب ولمحات العقول، وبعدت عن لحظات ونظرات العيون إنّك لا تدركك الأبصار ولكنّك تدرك الأبصار وأنت اللطيف الخبير. بتصرف عن الآية/103 من سورة الأنعام.
(وعَلِمَ بما كان قبل أن يكون)
إنّ الموجودات كلّها لها وجودان: وجود صور أزليّة في علم الله تعالى، ووجود آخر هو ما أخرجه سبحانه إلى عالم الشهادة العينية تدريجياً على حسب الإستعدادات والمقتضيات والظروف.
المعنى: إنّ علم الله تعالى علم إحاطة في كلّ شيء، وقبل كلّ شيء، وبعد وجود كلّ شيء، ولا يغيب عنه أيّ شيء...


[يامن أرقدني في مهاد أمنه وأمانه، وأيقظني إلى ما منحني به من مِنَنهِ وإحسانه، وكفّ أكفّ السوء عنّي بيده وسلطانه].
(يامن أرقدني في مهاد أمنه وأمانه)
المهد للطفل جمعها مهاد: الفراش أو السرير.
والأمن: طمأنينة النفس، وزوال الخوف.
المعنى: إلهي! يا من خلقتني وخلقت جميع الناس نحن في رعايتك وحفظك وأمانك سواء في حالة النوم والرقاد، أو في حالة اليقظة والانتباه.
(وأيقظني إلى ما منحني به من مِنَنهِ وإحسانه)
أيقظني: نبّهني من النوم.
منحني: أعطاني ووهبني.
المعنى: إلهي! يامن أيقظتني ونبّهتني من نوم الغافلين، ونبهتني إلى ما أعطيتني من أعمال الصالحين التي توصلني إلى درجة المتّقين، الذين أنعمت عليهم من الأنبياء والمرسلين والشهداء والصدّيقين، وذلك بفضلك وجودك وكرمك وإحسانك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
(وكفّ أكفّ السوء عنّي بيده وسلطانه)
السوء: هو كل ما يغمّ الإنسان.
اليد: القدرة، يد الله تبارك وتعالى هي قدرته.
المعنى: إلهي! يامن حرست عبادك المؤمنين، ودفعت عنهم كلّ سوء أو حزن أو غمّ أو همّ، إنّك قلت وقولك الحق:
(إنّ الله يدافع عن الذين آمنوا)الحج/38.


[صلّ اللّهمّ على الدليل إليك في الليل الأليل، والماسك من أسبابك بحبل الشرف الأطول، والناصع الحسب في ذروة الكاهل الأعبل، والثابت القدم على زحاليفها في الزمن الأول وعلى آله الطيبين الأخيار، المصطفَين الأبرار].
(صلّ اللّهمّ على الدليل إليك في الليل الأليل)
الصلاة من الله الرحمة، ومن الملك الاستغفار، ومن البشر الدعاء.
الدليل: الهادي والمرشد، والمراد به رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم).
الأليل: الليل المظلم الحالك، البالغ من الظلمة.
المعنى: يا إلهي! يا من حفظتني وأيقظتني من غفلتي، ومننت عليَّ بفضلك وكرمك، وكان إحسانك نازلا إليَّ صلِّ وبارك وارحم وتحنن وأكرم الذي كان دليلا عليك، ومرشداً إلى طاعتك، وهادياً الخلق إلى عبادتك في الأوقات المظلمة بالجهل والظلم والعادات السيئة... «وهذه صفات للحبيب المصطفى
(صلى الله عليه وآله وسلم)».
(والماسك من أسبابك بحبل الشرف الأطول)
المعنى: بعد أو وصف الرسول
(صلى الله عليه وآله وسلم) بأنّه الدليل والهادي إلى الله تعالى عطف هنا صفات اُخرى له وهو أنّه ماسك ومتعلق بكلّ شيء موصل بالشرف الرفيع العالي والكرامة العظمى.
(والناصع الحسب في ذروة الكاهل الأعبل)
الناصع: الواضح، يقال: أبيض ناصع، وأصفر ناصع أي واضح وبيّن.
الحسب: هو ما يعده الرجل من مفاخر أجداده.
الذروة: كسر الذال وضمها، هي أعالي الشيء وسنّامه ورفعته. الكاهل: هو ما بين الكتفين.
الأعبل: الضحم الغليظ، يقال: رجل عبل الذراعين أي ضخمهما، وفرس عبل الشوى أي غليظة القوائم...
المعنى: أنّه
(عليه السلام) يصف رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بأنّه عالي النسب، شامخ الحسب، رفيع الشأن، مجيد المكارم.
(والثابت القدم على زحاليفها في الزمن الأول)
الزُحلفة: بضم الزاي، هي آثار تزلج الصبيان من فوق التل إلى أسفله، والزحلفة كالدحرجة، يقال: زحلفته فتزحلف...
المعنى: أنّه
(عليه السلام) يصف رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بأنّه ثابت القدم منذ أن خلقه الله تعالى، قبل النبوّة وبعدها مهما مرّت عليه من منحدرات ومزالق، وهو باق على رفعته وشموخه وعظمته...
(وعلى آله الطيبين الأخيار، المصطفَين الأبرار)
المعنى: أنّه
(عليه السلام) بعد أن صلّى على النبيّ الأطهر الماجد الأزهر(صلى الله عليه وآله وسلم) عطف هنا الصلاة على آله الأخيار الذين اصطفاهم الله سبحانه، وطهرهم من الرجس والدنس تطهيراً.
وقد بدأ
(عليه السلام) في أوّل الدعاء بالصلاة على محمّد وآله ويختم الدعاء كذلك، لأنّ الدعاء المقبول عند الله تعالى هو الصلاة على محمّد وآل محمّد، فلا يرد سبحانه ما ورد بين الصلاتين!
وقد ورد عن أميرالمؤمنين
(عليه السلام) أنّه قال: كل دعا محجوب حتى يصلّى على النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم).
وقال أبو سليمان الداراني: إذا سألت الله حاجة فابدأ بالصلاة على النبيّ
(صلى الله عليه وآله وسلم) ثم ادعُ ما شئت ثم اختم بالصلاة عليه فإنّ الله سبحانه يقبل الصلاتين، وهو أكرم من أن يدع ما بينهما(2).
وقد ورد عنه
(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: لا تصلّوا عليَّ الصلاة البتراء! فقالوا: وما الصلاة البتراء؟
قال
(صلى الله عليه وآله وسلم): تقولون: اللّهمّ صلّ على محمّد، وتمسكون!.
بل قولوا: اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد(3).


[وافتح اللّهمّ لنا مصاريع الصباح، بمفاتيح الرحمة والفلاح، وألبسنا اللّهمّ من أفضل خلع الهداية والصلاح، واغرس اللّهمّ لعظمتك في شرب جناني ينابيع الخشوع، وأجر اللّهمّ لهيبتك من أماقي زفرات الدموع وأدِّب اللّهمّ نزق الخرق منّي بأزمّة القنوع].
(وافتح اللّهمّ لنا مصاريع الصباح، بمفاتيح الرحمة والفلاح)
مصاريع: جمع مصراع، والمصراعان من الأبواب.
مفاتيح: جمع مفتاح.
الرحمة: وهي رقّة في القلب تقتضي الإحسان.
الفلاح: الظفر، وإدراك البغية.
المعنى: يا إلهي! أدعوك وأتوسل إليك، بأن تفتح لنا مصاريع أبواب هذا الصباح وكل صباح بمفاتيح الرحمة والظفر والفلاح والنجاح والإنجاح...
(وألبسنا اللّهمّ من أفضل خلع الهداية والصلاح)
المعنى يا إلهي! وألبسنا وزيّنا من أفضل ما عندك من الخلع والمواهب التي هديت بها عبادك الصالحين، وجعلتهم من أفضل عبادك المتقين المخلصين، ووفّقنا للسير على صراطك المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن اُولئك رفيقا.
(واغرس اللّهمّ لعظمتك في شرب جناني ينابيع الخشوع)
الشرب: بكسر الشين، الحظ من الماء.
الجنان بالفتح: القلب.
الينابيع: جمع ينبوع، وهو عين الماء، نبع ينبع نبوعاً: أي خروجاً.
الخشوع: خضوع القلب والجوارح.
المعنى: يا إلهي! إنّ عظمتك وجلالك وكبرياءك عظيمة، فاجعل هذه العظمة والجلال في نفسي وقلبي تجري جريان الخشوع والخضوع لك وحدك، لأنّه إذا لم يخشع القلب لك ولا يخضع، فلا نفع من فعل الجوارح الاُخرى، فإذا خشع وخضع القلب خشعت بقية الجوارح والأعضاء.
(وأجر اللّهمّ لهيبتك من أماقي زفرات الدموع)
موق العين: طرفها ممّا يلي الأنف والاُذن، والجمع أماق.
زفرات جمع زفر: وهي القربة التي كانوا يحملون بها الماء، لذا قيل للنساء اللواتي يحملن القرب: زوافر.
المعنى: يا إلهي! بعد أن توفّقني لخشيتك والخضوع إليك، أنزل من أطراف عيوني من هيبتك ومخافتك الدموع كما ينزل الماء من أفواه القرب...
(وأدِّب اللّهمّ نزق الخرق منّي بأزمّة القنوع)
النزق: الخفّة والطّيش.
الخُرق بالضم: هو ضد الرفق، وقد قيل: الرفق يمنٌ والخرق شؤمٌ. هو الجهل والحمق.
الأزمّة: جمع زمام، وهو المقود الذي تربط أو تجر به الدابة.
القنوع بالضم: السؤال والتذلل للمسألة والطلب، وهو غير القناعة بالفتح: الرضا بما تيسر.
المعنى: يا إلهي! إنّك تعلم أنّ عندي صفات تبعدني عن مسألتك والتذلل إليك فاربطها ياربّ برباط الخضوع والجمها بلجام التذلل والخشوع إنّك أرحم الراحمين.


[إلهي! إن لم تبتدئني الرحمة منك بحسن التوفيق، فمن السالك بي إليك في واضح الطريق، وإن أسلمتني أناتك لقائد الأمل والمُنى، فمن المقيل عثراتي من كبوة الهوى، وإن خذلني نصرك عند محاربة النفس والشيطان، فقد وكلني خذلانك إلى حيث النصب والحرمان].
(إلهي! إن لم تبتدئني الرحمة منك بحسن التوفيق، فمن السالك بي إليك في واضح الطريق)
المعنى: يا إلهي! إذا لم تكن رحمتك وعطفك عليَّ هو الموفق للسعي فيما يرضيك من الأعمال الصالحة، والطاعات المرضية لديك، فمن الذي يأخذ بيدي وينقذني من نفسي ورغبتها، والشيطان الذي يغوين لكي أسير على صراطك المستقيم، وطريقك الواضح القويم.
(وإن أسلمتني أناتك لقائد الأمل والمُنى، فمن المقيل عثراتي من كبوة الهوى)
الأناة: الحلم، والرفق، والإنتظار. يقال: تأنّى في الأمر: إذا ترفّق به وانتظر.
الأمل: الرجاء.
المُنى بالضم: جمع منية، وهي الصورة الحاصلة في النفس من تمنّي الشيء.
المقيل من الإقالة: الفسخ أقلت البيع: إذا فسخته.
العثرة: الزلّة والخطيئة.
الكبوة مفرد، جمعها كبوات: السقوط، يقال: كبا الجواد إذا سقط.
الهوى: النفس والرغبة.
المعنى: يا إلهي! إذا كان حلمك ورفقك بي يُسلمني إلى الاُمنيات النفسية التي تبعدني عن طاعتك ومرضاتك فمن الذي يغفر لي زلاّتي وسقطاتي الموجبة لسخطك وغضبك.
(وإن خذلني نصرك عند محاربة النفس والشيطان، فقد وكلني خذلانك إلى حيث النصب والحرمان)
الخذلان: هو ترك العون والنصرة عند الحاجة.
الشيطان: هو كل وسوسة شريرة تكون في النفس، سواء أكانت من الإنس أو من الجن...
النصب: بفتح النون والصاد، التعب.
المحروم: هو الذي لم يوسّع عليه في الرزق...
المعنى: يا إلهي! إن تركتني وتخليت عنّي ولم تنصرني في محاربة نفسي، ومحاربة وساوس الشيطان اللعين فقد وكلتني ورميتني إلى حيث التعب والحرمان من الرزق، ومن العون، ومن المغفرة...


[إلهي! أتراني ما أتيتك إلاّ من حيثُ الآمال، أم علقتُ بأطراف حبالك إلاّ حين باعدتني ذنوبي عن دار الوصال، فبئس المطيّة التي امتطأت نفسي من هواها، فواهاً لها لما سوّلت لها ظنونها ومناها، وتبّاً لها لجرأتها على سيّدها ومولاها].
(إلهي! أتراني ما أتيتك إلاّ من حيثُ الآمال، أم علقتُ بأطراف حبالك إلاّ حين باعدتني ذنوبي عن دار الوصال)
إتيان الله سبحانه وتعالى: التوجّه اليه بخشوع القلب والجوارح.
الحبال جمع حبل: وهي كناية عن كثرة الوسائل الموصلة إلى الله تعالى.
الذنوب: هي الكدورات والغشاوات الحاصلة لمرآة القلب من ارتكاب القبائح والمعاصي.
المعنى: يا إلهي! إنّي أتيتك واتّجهت إليك من حيث الأمل الذي وضعته في كياني، وكثرة الوسائل التي جعلتها موصلة بك، لمغفرة ذنوبي، ومحو ما علّق في نفسي من الكدورات والغشاوات التي تحجب الإتصال برحمتك ومغفرتك، وتحجب النورانية التي جعلتها للمريدين والقاصدين إلى لطفك وكرمك...
(فبئس المطيّة التي امتطأت نفسي من هواها، فواهاً لها لما سوّلت لها ظنونها ومناها، وتبّاً لها لجرأتها على سيّدها ومولاها)
امتطأت نفسي: أي اتخذت هواها مطية تذهب حيث ما شاء الهوى.
واهاً: كلمة تعجب، والتعجب هنا من قوّة وساوس النفس وتشتتها.
سولت: زينت.
تبّاً: التبّ: الخسران.
المعنى: يا إلهي! هذه نفسي الأمّارة بالسوء التي وسوس لها خيالها وباطلها وهواها، وأطاعت اُمنياتها الخادعة، وزينت لها ظنونها العاطلة، فتخيلت أنّها على شيء وإلى شيء، وما هي إلاّ جرأة على سيدها الرحمن ومولاها الرحيم... فوقعت في الخسران المبين واجترأت على ربّها الكريم.


[إلهي قرعت باب رحمتك بيد رجائي، وهربت إليك لاجئاً من فرط أهوائي، وعلّقت بأطراف حبالك أنامل ولائي. فاصفح اللّهمّ عمّا كان أجرمته من زللي وخطئي. وأقلني اللّهمّ من صرعة ردائي، وعسرة بلائي، فإنّك سيّدي ومولاي ومعتمدي ورجائي، وأنت غاية مطلوبي ومناي، في منقلبي ومثواي].
(إلهي قرعت باب رحمتك بيد رجائي، وهربت إليك لاجئاً من فرط أهوائي، وعلّقت بأطراف حبالك أنامل ولائي)
القرع: الضرب بقوّة وشدّة.
الفرط: تجاوز الحد. أفرط الرجل في الشيء إذا تجاوز الحد.
الأنامل: جمع أنملة، وهي رؤوس الأصابع.
المعنى: يا إلهي! بعد هذه الجرأة على عصيانك، والتمادي في البعد عن ساحة كرمك ورضوانك... ألآن! وقد تبت إليك، ورجعت منيباً متأملا بجودك وكرمك وغفرانك... وقد قلت وقولك الحق:
(ففرّوا إلى الله) الذاريات /50.
وقولك:
(يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إنّ الله يغفر الذنوب جميعاً إنّه هو الغفور الرحيم). الزمر/53.
فها أنا يا ربّ! أقرع باب رضوة رحمتك بيد الرجاء والأمل في المغفرة والرحمة والستر، هارباً من ذنوبي وجرأتي...
وها أنا ذا جئتك يا ربّ ملتجئاً ومنيباً إليك من أهوائي الكثيرة وعصياني المتجدد، متعلقاً بأي وسيلة من الوسائل الموصلة إلى رضوانك وغفرانك، ولو كان التعلق بسيطاً وقليلا، حتى ولو برؤوس الأصابع...
(فاصفح اللّهمّ عمّا كان أجرمته من زللي وخطئي)
الصفح: الإعراض، يقال: صفحت عن فلان، إذا أعرضت عنه.
الجرم والإجرام: الذنب والمعصية.
الزلل: يقال: زللت يا فلان تزلّ زليلا، إذا زلّ في الطين.
الخطأ: ضد الصواب.
المعنى: إلهي! يا ربّ! أتوسل إليك أن تعرض وتصفح عن إجرامي في حقّ نفسي وحقّ غيري من الزّلاّت الكثيرة المتعددة، والأخطاء المتكررة، إنّك أرحم الراحمين وخير الغافرين...
(وأقلني اللّهمّ من صرعة ردائي، وعسرة بلائي)
الإقالة: الفسخ، أقلت البيع أي فسخته. وهنا بمعنى: خلصني.
الصرع: الطرح على الأرض. صرعة ردائي، أي طرحه ورميه على الأرض.
العسرة: السرعة، وتطلق على ناقة السريعة.
البلاء: الإختبار والإمتحان. بلوته: اختبرته...
المعنى: يا إلهي! خلّصني وعافني من وقوع رداء الحشمة والعفّة والأخلاق عنّي، وسرعة نزول البلاء والإمتحان في ساحتي...
(فإنّك سيّدي ومولاي ومعتمدي ورجائي)
السيد: من ساد سيادة سؤدداً. هو شرف المجد، ساد قومه: صار سيدهم وكبيرهم ومتسلطاً عليهم...
المولى: تطلق على المعتِق، والمعتَق، وابن العم، والجار، والحليف، والناصر، والمتولّي للأمر، قال رسول الله
(صلى الله عليه وآله وسلم): «من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه». والمولى هنا يختص بالمعنى الأخير: الناصر المتولّي للأمر.
المعتمد: الشيء الذي يعتمد عليه، ولا يمكن الإستقلال منه.
المعنى: يا إلهي! أنت سيدي وقائدي وناصري وملجئي ومعتمدي ورجائي، ليس لي غيرك من أرجع إليه أو أعتمد عليه...
(وأنت غاية مطلوبي ومناي، في منقلبي ومثواي)
الغاية: نهاية المقصد والمطلوب.
المنقلب: المرجع والمآل، كما قال تعالى:
(إنّا إلى ربّنا لمنقلبون). الزخرف/14.
المثوى: المنزل، من ثوى المكان، وبه يثوى ثواءً، وثُوياً بالضم، وأثوى: أطال الإقامة.
المعنى: يا إلهي! أنت نهاية مطلبي، وكل ما أتمناه، فلا أطلب من سواك، ولا أرجو غيرك، فإليك ملجئي ومرجعي وإقامتي الطويلة بعد موتي عندك وتحت رعايتك، فاجعلها يا ربّ في جوارك من الذين أنعمت عليهم
(من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن اُولئك رفيقاً). النساء/69.